وروى الكنجي الشافعي بإسناده عن جابر بن عبد اللَّه قال: «سألت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله عن ميلاد علي بن أبي طالب، فقال: لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح عليه السلام، إن اللَّه تبارك وتعالى خلق علياً من نوري وخلقني من نوره، وكلانا من نورٍ واحد، ثم إن اللَّه عزّوجلّ نقلنا من صلب آدم في أصلاب طاهرة إلى أرحام زكيّة، فما نقلت من صلب إلّا ونقل علي معي، فلم نزل كذلك حتى استودعني خير رحم وهي آمنة، واستودع علياً خير رحم وهي فاطمة بنت أسد، وكان في زماننا رجل زاهد عابد يقال له المبرم بن دعيب بن الشقبان، قد عبداللَّه تعالى مأتين وسبعين سنة، لم يسأل اللَّه حاجة، فبعث اللَّه إليه أبا طالب، فلمّا أبصره المبرم قام إليه وقبّل رأسه وأجلسه بين يديه ثم قال له: من أنت؟ فقال: رجل من تهامة، فقال: من أيّ تهامة؟ فقال: من بني هاشم، فوثب العابد فقبّل رأسه ثانية، ثم قال: يا هذا إن العلي الأعلى ألهمني إلهاماً، قال أبو طالب: وما هو؟ قال: ولد يولد من ظهرك وهو ولي اللَّه عزّوجّل، فلما كان الليلة التي ولد فيها علي أشرقت الأرض فخرج أبو طالب وهو يقول: أيها الناس، ولد في الكعبة ولي اللَّه عزّوجلّ، فلما أصبح دخل الكعبة وهو يقول:
يا رب هذا الغسق الدجيّ | والقمر المنبلج المضيّ | |
بيّن لنا من أمرك الخفيّ | ماذاترى في اسم ذا الصبيّ |
قال: فسمع صوت هاتف يقول:
يا أهل بيت المصطفى النبيّ | خصّصتم بالولد الزكي | |
إنّ اسمه من شامخ علي | علي اشتقّ من العليّ» «١» |
وقال الحافظ الزرندي الحنفي: «روي أنه لما ضربها المخاض، أدخلها أبو طالب الكعبة بعد العشاء، فولدت فيها علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه» «2».
وقال محمّد بن طلحة الشافعي: «ولد علي في ليلة الأحد، الثالثة عشر من شهر رجب سنة تسعمائة وعشر، من التاريخ الفارسي المضاف إلى الإسكندر، وكان ملك الفرس يومئذٍ مستمراً، وكان ملكهم أبرويز بن هَرمن، وقيل بالكعبة البيت الحرام، وكان مولده بعد أن تزوّج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله بخديجة بثلاث سنين، وكان عمر رسول اللَّه يوم ولادته ثمان وعشرين سنة» «3».
وقال محمّد حبيب اللَّه الشنقيطي: «ومن مناقبه كرّم اللَّه وجهه أنه ولد في داخل الكعبة، ولم يعرف ذلك لأحد غيره» «4».
وقال الحلبي: «وفي خصائص العشرة للزمخشري به: إنّ النبي صلّى اللَّه عليه وآله تولّى تسميته بعليّ وتغذيته أياماً من ريقه المبارك بمصّه لسانه.
فعن فاطمة بنت أسد ام علي رضي اللَّه تعالى عنها قالت: لمّا ولدته سمّاه علياً وبصق في فيه، ثم إنه ألقمه لسانه، فما زال يمصّه حتى نام. قالت: فلما كان من الغد، طلبنا له مرضعة فلم يقبل ثدي أحد، فدعونا له محمّداً فألقمه لسانه فنام،