المتكثّرة عن جمعٍ من الصحابة، حتى ألّف في تدوينها غير واحدٍ منهم. وأمّا دلالةً، فإنّ هذا الحديث يدل على أحبّية علي عند اللَّه ورسوله من سائر أفراد البشر، ومن المعلوم أنّ الأحبيّة تستلزم الأفضليّة، وقد تقرّر أن الأفضلية دليل الامامة والولاية العامّة ... هذا من جهةٍ. ومن جهةٍ أخرى: فإنّ في بعض ألفاظ هذا الحديث- وبالسند الصحيح- تصريحاً بأنّ النبي صلّى اللَّه عليه وآله لمّا دعا اللَّه أن يأتي إليه أحبّ الخلق إلى اللَّه ورسوله، جاء أبو بكر فردّه، ثمّ جاء عمر فردّه، فلمّا جاءه علي استقبله ورحّب به، فجلس وأكل معه من ذلك الطير.
ولقوّة دلالة هذا الحديث سنداً ودلالةً- كما أشرنا- حاول بعض المتعصّبين كابن تيمية التكذيب به، ولمّا رواه الحاكم النيسابوري آذوه بشدّةٍ وأهانوه، وكذا فعلوا بابن السّقا الحافظ الواسطي لمّا رواه في المسجد الجامع بواسط، فلولا دلالته الواضحة القوية على ما يذهب إليه الشيعة الإماميّة لما كان ذلك أبداً ... وإن شئت التفصيل فارجع إلى كتاب (نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار).
قال الشّيخ محمّد حسن المظفّر: «كيف يزعم ابن تيمّية انّه لم يرو حديث الطّير أحد من أصحاب الصّحاح، ولا صحّحه أئمّة الحديث، والحال انّه قد رواه التّرمذي، والنّسائي، وصحّحه الحاكم، ورواه التّرمذي بترجمة جعفر بطريق لا شبهة في صحّته.
وامّا دلالة الحديث على امامة أميرالمؤمنين عليه السّلام فمن اظهر الأمور، لأن احبّ النّاس إلى اللَّه تعالى انّما هو أفضلهم وأتقاهم وأعملهم بطاعته، فلابدّ أن يكون أحقّهم بالإمامة لاسيما من أبي بكر وعمر، إذ مع دخولهما بعموم النّاس، صرّح حديث النّسائي باسمهما بالخصوص كما سمعت» «1».