وربما يظهر من بعضهم (1) الميل إلى قول آخر، وهو: أن معنى إثبات الصفات نفي ما يقابلها، فمعنى إثبات الحياة والعلم والقدرة مثلا نفي الموت والجهل والعجز.
ويظهر من بعضهم (2) أن الصفات الذاتية عين الذات، لكنها جميعا بمعنى واحد والألفاظ مترادفة.
والحق هو القول الأول (3)، وذلك لما تحقق (4) أن الواجب بالذات علة تامة ينتهي إليه كل موجود ممكن بلا واسطة أو بواسطة أو وسائط، بمعنى أن الحقيقة الواجبية هي العلة بعينها، وتحقق أيضا (5) أن كل كمال وجودي في المعلول فعلته في مقام عليته واجدة له بنحو أعلى وأشرف، فللواجب بالذات كل كمال وجودي مفروض على أنه وجود صرف لا يخالطه عدم، وتحقق (6) أن وجوده صرف بسيط واحد بالوحدة الحقة، فليس في ذاته تعدد جهة ولا تغاير حيثية، فكل كمال وجودي مفروض فيه عين ذاته وعين الكمال الآخر المفروض له، فالصفات الذاتية التي للواجب بالذات كثيرة مختلفة مفهوما واحدة عينا ومصداقا، وهو المطلوب.
وقول بعضهم (7): (إن علة الايجاد هي إرادة الواجب بالذات دون ذاته المتعالية)، كلام لا محصل له، فإن الإرادة المذكورة عند هذا القائل إن كانت صفة ذاتية هي عين الذات كان إسناد الايجاد إليها عين إسناده إلى الذات المتعالية، فإسناده إليها ونفيه عن الذات تناقض ظاهر، وإن كانت صفة فعلية منتزعة من مقام الفعل كان الفعل متقدما عليها، فكان إسناد إيجاد الفعل إليها قولا بتقدم المعلول