وللباحثين في علمه (تعالى) اختلاف كثير حتى أنكره بعضهم (1) من أصله، وهو محجوج بما قام على ذلك من البرهان.
وللمثبتين مذاهب شتى:
أحدها: أن له (تعالى) علما بذاته دون معلولاتها، لأن الذات المتعالية أزلية وكل معلول حادث (2).
وفيه: أن العلم بالمعلول في الأزل لا يستوجب كونه موجودا في الأزل بوجوده الخاص به، على أنه مبني على انحصار العلم الحضوري في علم الشئ بنفسه وأن ما دون ذلك حصولي تابع للمعلوم، وهو ممنوع بما تقدم (3) إثباته من أن للعلة المجردة علما حضوريا بمعلولها المجرد وقد قام البرهان على أن له (تعالى) علما حضوريا بمعلولاته قبل الايجاد في مرتبة الذات وعلما حضوريا بها بعد الايجاد في مرتبة المعلولات.
الثاني: ما ينسب إلى أفلاطون (4)، أن علمه (تعالى) التفصيلي هو العقول المجردة والمثل الإلهية التي تجتمع فيها كمالات الأنواع تفصيلا.
وفيه: أن ذلك من العلم بعد الايجاد، وهو في مرتبة وجوداتها الممكنة، وانحصار علمه (تعالى) التفصيلي بالأشياء فيها يستلزم خلو الذات المتعالية في ذاتها عن الكمال العلمي، وهو وجود صرف لا يشذ عنه كمال من الكمالات الوجودية.