يكون جميع الأجزاء واجبات بذواتها، وإما أن يكون بعضها واجبا بالذات وبعضها ممكنا، وإما أن يكون جميعها ممكنات، والأول محال، إذ لو كانت الأجزاء واجبات بذواتها كان بينها إمكان بالقياس كما تقدم (1)، وهو ينافي كونها أجزاء حقيقية لمركب حقيقي ذي وحدة حقيقية، إذ من الواجب في التركيب أن يحصل بين الأجزاء تعلق ذاتي يحصل به أمر جديد وراء المجموع، له أثر وراء آثار كل واحد من الأجزاء، والثاني محال للزوم افتقار الواجب بالذات إلى الممكن، على أن لازمه دخول الماهية في حقيقة الواجب، لما تقدم في مرحلة الوجوب والإمكان أن كل ممكن فله ماهية (2)، والثالث أيضا محال بمثل ما تقدم.
وهذه البراهين غير كافية في نفي الأجزاء المقدارية - كما قالوا (3) -، لأنها أجزاء بالقوة لا بالفعل - كما تقدم في بحث الكم من مرحلة الجواهر والأعراض (4) -.
وقد قيل (5) في نفيها (6): (إنه لو كان للواجب جزء مقداري فهو إما ممكن فيلزم أن يخالف الجزء المقداري كله في الحقيقة وهو محال، وإما واجب فيلزم أن يكون الواجب بالذات غير موجود بالفعل بل بالقوة وهو محال).
ثم إن من التركب ما يتصف به الشئ بهويته الوجودية من السلوب، وهو منفي عن الواجب بالذات (تعالى وتقدس).
بيان ذلك: أن كل هوية صح أن يسلب عنها شئ بالنظر إلى حد وجودها، فهي متحصلة من إيجاب وسلب، كالإنسان مثلا هو إنسان، وليس بفرس في حاق وجوده، وكل ما كان كذلك فهو مركب من إيجاب هو ثبوت نفسه له وسلب هو نفي