الوجود عين الموجودية - بخلاف الماهية التي حيثية ذاتها غير حيثية وجودها.
وأما دعوى (1) أن الموجود في عرف اللغة إنما يطلق على ما له ذات معروضة للوجود، ولازمه أن الوجود غير موجود، فهي على تقدير صحتها أمر راجع إلى الوضع اللغوي أو غلبة الاستعمال، والحقائق لا تتبع استعمال الألفاظ، وللوجود - كما تقدم (2) - حقيقة عينية نفسها ثابتة لنفسها.
قال بهمنيار في التحصيل: (وبالجملة فالوجود حقيقته أنه في الأعيان لا غير، وكيف لا يكون في الأعيان ما هذه حقيقته؟) انتهى (3).
ويندفع أيضا ما أشكل عليه (4) بأن كون الوجود موجودا بذاته يستتبع كون الوجودات الإمكانية واجبة بالذات، لأن كون الوجود موجودا بذاته يستلزم امتناع سلبه عن ذاته، إذ الشئ لا يسلب عن نفسه، ولا نعني بالواجب بالذات إلا ما يمتنع عدمه لذاته.
وجه الاندفاع (5): أن الملاك في كون الشئ واجبا بالذات ليس هو كون وجوده نفس ذاته، بل كون وجوده مقتضى ذاته من غير أن يفتقر إلى غيره، وكل وجود إمكاني فهو في عين أنه موجود في ذاته مفتقر إلى غيره مفاض منه، كالمعنى الحرفي الذي نفسه نفسه، وهو مع ذلك لا يتم مفهوما إلا بالقيام بغيره.
وسيجئ مزيد توضيح له في الأبحاث الآتية (6).
قال صدر المتألهين في الأسفار: (معنى وجود الواجب بنفسه أنه مقتضى ذاته من غير احتياج إلى فاعل وقابل، ومعنى تحقق الوجود بنفسه أنه إذا حصل، إما بذاته كما في الواجب، أو بفاعل لم يفتقر تحققه إلى وجود آخر يقوم به، بخلاف