الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٣
وهو الجرح وفائدته الاعلام والاظهار (1) فمن قال إن الكلام صفه المتكلم
(1) الكلام الذي عندنا من الأمور الاعتبارية التي دعت إلى اعتبارها الحاجة الاجتماعية فان المجتمعين من الانسان في حاجه اضطراريه إلى اعلام بعضهم لبعض ما في ضميره و لو فرضنا انسانا عاش عيشه انفرادية لم يحس إلى التكلم حاجه ولا تكلم البتة وكذلك أيضا نجد الحيوان عند كل نوع منها من الأصوات المفهمة لمقاصده في الجملة بمقدار حاجته الاجتماعية في سفاد أو أفراخ أو تربيه أفراخ أو دفاع أو غير ذلك.
وقد ابتدء ظهور الكلام بمعنى اعلام ما في الضمير على ما يعطيه التدبر في حال الحيوان بآراء ه نفس الشئ أو الفعل المقصود اعلامه كالدجاجة تلتقط بمنقارها الحبة بمرئى من أفراخها فتتبعها الافراخ في الالتقات ثم شفعت الفعل بنوع من الصياح ثم اقتصر على الصوت وحده وفهمت الافراخ منه مقصودها وكذلك الامر في الانسان ثم اختلف الأصوات باختلاف المقاصد وانفصلت الكلمات بعضها من بعض وتشعبت التراكيب وظهرت اللغات وقويت دلاله اللفظ الموضوع على المعنى بكثرة التداول إلى حد كان المتكلم يلقى نفس المعنى إلى سامعه من غير وساطة اللفظ وكان السامع يجد المعنى بغير وساطة.
هذا اجمال القول في ظهور الكلام عندنا وبه يظهر ان اللفظ وجود اعتباري لمعناه وان التكلم ايجاد اعتباري للمعنى الذي في ضمير المتكلم ليستدل به السامع العالم بالوضع على المعنى المقصود واعتباريته من جهة اعتبارية الدلالة كما عرفت والغاية فيه اعلام ما في الضمير ومن هنا يظهر ان الفعل لما دل بخصوصيته على خصوصيه ذات فاعله في كماله دلاله حقيقية كان كلاما لفاعله كاشفا عما في ضميره يصدق حد الكلام عليه نهاية الامر ان الدلالة ههنا حقيقية غير اعتبارية وبذلك يتبين ان وجود كل ممكن كلام لله سبحانه وهو في صوره الامر بالنسبة إلى نفس ذلك الوجود كما قال تعالى انما امره إذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون وفي صوره الخبر بالنسبة إلى غيره من الموجودات وإذا كان تاما في وجوده كان كلاما تاما وكلمه تامه له تعالى قال تعالى لا تبديل لكلمات الله وقال بكلمة منه اسمه المسيح ط مد ظله