مقصود اشرف واهم منه لكونه غاية لما بعده وهذا مثل ابداعه تعالى عالم امره بكلمة كن لا غير وهي كلمات الله التامات والأنيات العقليات التي لا تبيد ولا تنقص و سنقيم البرهان على وجودها في مستأنف القول إن شاء الله وليس الغرض من انشائها منه تعالى سوى امر الله ولاجل ذلك قال الفيلسوف الأكرم في كتاب اثولوجيا ان ما هو ولم هو في المفارقات شئ واحد يعنى ما هو نفس حقيقتها فهو نفس كمالها وغايتها وفيه سر ما لو حناك اليه من قبل.
وأوسطها ما يكون لعين الكلام مقصود آخر غيره الا انه يترتب عليه على وجه اللزوم من غير جواز الانفكاك بحسب الواقع وذلك كامره تعالى للملائكة السماوية و المدبرات العلوية الفلكية أو الكوكبية بما أوجب الله عليهم ان يفعلوا من التدبيرات و التحريكات والأشواق والعبادات والنسك الإلهية لغايات أخرى عقلية فلا جرم لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون فينالون نصيبهم من فائدة انزال الكلام عليهم كما ستعلم وكذلك ملائكة الطبائع الأرضية والأجسام العنصرية من مدبرات الجبال والبحار والمعادن والسحب والرياح والأمطار فان امر الله إذا وصل إليهم اما بلا واسطه أو بواسطة امر آخر لا بواسطة خلق فإنهم يطيعون امر الله ولا يتمردون وفي قوله تعالى ويفعلون ما يؤمرون حيث لم يقل بما يؤمرون إشارة لطيفه إلى هذا القسم من الكلام.
وأدناها ما يكون لعين الكلام مقصود آخر ولكن قد يتخلف عنه وقد لا يتخلف وفيما لا يتخلف أيضا امكان التخلف والتعصي ان لم يكن هناك عاصم من الخطاء والعصيان وهذا كأوامر الله وخطاباته للمكلفين وهم الثقلان الجن والإنس بواسطة انزال الملك وارسال الرسول وهما أعني الثقلين مخلوقان في عالم الاحداث والتركيب وعالم الأضداد والأنداد والتعاند والتفاسد ففي هذا القسم من الكلام وهو الامر بالواسطة يحتمل الطاعة والعصيان فمنهم من أطاع ومنهم من عصى واما الامر مع عدم الواسطة أو بواسطة امر آخر فلا سبيل الا الطاعة فأعلى ضروب الكلام هو الامر الابداعي وما أمرنا الا واحده كلمح بالبصر وهو عالم القضاء الحتمي وقضى ربك الا تعبدوا الا إياه والأوسط هو الامر التكويني وهو عالم القدر انا كل شئ خلقناه