الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٤٢
وهذه الحروف المقطعة يسمى في عالم السر والخفي بالحروف المجملة وحروف الجمل وفي ذلك العالم تصير الحروف المتصلة (1) منفصله ويصير المنفصلات مجمله متصله لأنه في يوم الفصل والتميز ليميز الله الخبيث من الطيب ويوم الجمع أيضا بوجه لقوله تعالى هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين وقوله ليوم لا ريب فيه فأهل الدنيا لكونهم في مقام التفرقة المعنوية والجمعية الصورية الاتصالية يرون الحروف المختلفة مجتمعه و المنفصلة متصله والحرف الواحد بالمعنى حروفا متعددة فأول علامه من ارتفع من هذا المنزل ان ينكشف عليه معرفه الحروف المقطعة (2) وكيفية نزولها (3) في لوح الكتاب ثم في صدور منشرحة لأولي الألباب كما أشار اليه بقوله ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون هذا لقوم وأشار إلى مقام قوم آخرين بقوله تعالى قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون وقوله كتاب فصلت آياته.
فقد اتضح لك أيها السالك المسكين ان أول ما يرتسم في لوح القارئ المبتدى حروف التهجي ليستعد بذلك لتلاوة الآيات المكتوبة في الصحيفة القدسية ويطيع الله تعالى في امره اقرا باسم ربك الذي خلق وقوله اقرؤا ما تيسر من القرآن وعند ذلك يسهل عليه التلاوة والذكر ويتيسر له القراءة ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر وحينئذ

(1) اي الأنواع المتخالفة المتراكمة التي كل من مقولة وكل أجنبي عن الاخر تصير منفصله ينفض كل عن ذيله غبار الاغيار وتصير المنفصلات من افراد كل نوع متصله واحده وهذا كما أن عقلك يأخذ صرف كل حقيقة معرى عن أكسية اللواحق الغريبة وهو حينئذ واحد ويميز الكيف والكم والوضع وغيرها من المختلطات كلا عن الاخر اقرأ كتابك وارقا س قده (2) اي العقول التي هي كلام الله تعالى وقوله الحق س قده (3) اي كيفية صيرورتها نفوسا كليه هي كتاب الله ثم نزولها في صدور منشرحة اي كيفية صيرورتها مثلا معلقه هي رقائق تلك الحقائق في النفوس المنطبعة والصدر هو الخيال وكيفية النزول انه تصير الأرواح المرسلة أرواحا مضافه وهي تتمثل صورا بسيطه كل ذلك بلا تجاف أو المراد بالثلاثة العقل البسيط الاجمالي والعقل التفصيلي النفساني والخيال وبالجملة وصلنا لهم اي العقول للعقول وكتاب فصلت للنفوس أو الخيال س قده.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست