الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٢٥
على قلوبهم ما كانوا يكسبون فإذا أعرضت النفس عن دواعي الطبيعة وظلمات الهوى والاشتغال بما تحتها من الشهوة والغضب والحس والتخيل وتوجهت وولت بوجهها شطر الحق وتلقاء عالم الملكوت الاعلى اتصلت بالسعادة القصوى فلاح لها سر الملكوت وانعكس عليها قدس اللاهوت ورآى عجائب آيات الله الكبرى كما قال سبحانه لقد رأى من آيات ربه الكبرى ثم إن هذه الروح إذا كانت قدسية شديده القوى قويه الإنارة لما تحتها لقوه اتصالها بما فوقها فلا يشغلها شان عن شان ولا يمنعها جهة فوقها عن جهة تحتها فتضبط للطرفين وتسع قوتها الجانبين لشدة تمكنها في الحد المشترك بين الملك والملكوت لا كالأرواح الضعيفة التي إذا مالت إلى جانب غاب عنها الجانب الآخر وإذا ركنت إلى مشعر من المشاعر ذهلت عن المشعر الاخر.
فإذا توجهت هذه الروح القدسية التي لا يشغلها شان عن شان ولا يصرفها نشأة عن نشأة وتلقت المعارف الإلهية بلا تعلم بشرى بل من الله يتعدى تأثيرها إلى قواها ويتمثل لروحه البشرى صوره ما شاهدها بروحه القدسي وتبرز منها إلى ظاهر الكون فيتمثل للحواس الظاهرة سيما السمع والبصر لكونهما اشرف الحواس الظاهرة فيرى ببصره شخصا محسوسا في غاية الحسن والصباحة ويسمع بسمعه كلاما منظوما في غاية الجودة والفصاحة فالشخص هو الملك النازل بإذن الله الحامل للوحي الإلهي والكلام هو كلام الله تعالى وبيده لوح فيه كتاب هو كتاب الله وهذا الامر المتمثل بما معه أو فيه ليس مجرد صوره خيالية (1) لا وجود لها في خارج الذهن والتخيل كما يقوله من لاحظ له من علم

(1) إذ المشاهد ما تمثل في الحواس سواء جاء من الخارج أو من الداخل فذلك البعض من الاتباع ترقى عند نفسه ولم يقتصر على أن حقيقة النبي تتصل بحقيقة الملك فقط كما يقول بعض آخر بل يقول إن النبي يتصل برقيقه الملك أيضا ولكن بخياله فقط ينالها ولا أيضا ينال صوره خيالية صرفه تكون نظيره أضغاث أحلام تكون في النوم لان تلك الصورة الخيالية تنزلت من الألواح العالية وظل لما فيها كالصور في الرؤيا الصادقة الحاصلة من مشاهده النفس ما في تلك الألواح ولكن مع اللتيا والتي مخطئ قاصر لان القوى الباطنة كمرايا متعاكسة فإذا تمثل الخيال بالصورة انطبع الحس المشترك أيضا بها لأنه كمرآة ذات وجهين أحدهما إلى الخارج ينطبع فيه صور المحسوسات التي تأدت اليه من المشاعر الظاهرة والاخر إلى الداخل يتلقى به ما يؤدى اليه من الألواح العالية أو من الخيال مما ركبته المتخيلة.
فإذا علمت أن الصورة تساق من العوالم الباطنة إلى خياله المنور ومن خياله إلى حسه المشترك ومنه إلى مشاعره فكيف لا يكون مشاهدا مع أنه كما أن عقله فوق العقول كذلك حسه فوق الحواس في شده النورية والتمثيل س قده
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في تحصيل مفهوم التكلم 2
2 في تحصيل الغرض من الكلام 5
3 تمثيل 7
4 استشهاد تأييد 8
5 في الفرق بين الكلام والكتاب والتكلم والكتابة 10
6 في وجوه من المناسبة بين الكلام والكتاب 13
7 في مبدء الكلام والكتاب وغايتهما 14
8 في فائدة انزال الكتب وارسال الرسل إلى الخلق 19
9 في كيفية انزال الكلام وهبوط الوحي من عند الله بواسطة الملك على قلب النبي وفؤاده ثم إلى خلق الله وعباده لبروزه من الكتب إلى الشهادة 22
10 إنارة قبيلته وإشارة نورية 26
11 في كشف النقاب عن وجه الكتاب ورفع الحجاب عن سر الكلام وروحه لأولى الألباب 30
12 في تحقيق كلام أمير المؤمنين وامام الموحد على (ع) كما ورد ان جميع القرآن في باء بسم الله وانا نقطة تحت الباء 32
13 في بيان الفرق بين كتابة المخلوق وكتابة الخالق 34
14 في تحقيق قول النبي (ص) ان للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا 36
15 تذكرة تمثيلية 39
16 في توضيح ما ذكرناه وتبيين ما أجملناه من كون معرفة لب الكتاب مختصة باهل الله من ذوي البصائر والألباب 40
17 رمز قرآني وتلويح كلامي 40
18 اشعار تنبيهي 43
19 في نعت القرآن بلسان الرمز والإشارة 44
20 تنبيه واشعار 45
21 في الإشارة إلى نسخ الكتب ومحوها واثباتها 47
22 في ذكر ألقاب القرآن ونعوته 50
23 الموقف الثامن في العناية الإلهية الرحمة الواسعة لكل شئ وكيفية دخول الشر والضر في المقدورات الكائنة بحسب القضاء الإلهي والتقدير الرباني وفيه فصول 55
24 في القول في العناية 55
25 في مباحث الخير والشر 58
26 شك وتحقيق 62
27 في اقسام الاحتمالات التي للموجود من جهة الخير والشر 68
28 في ان جميع أنواع الشرور من القسم المذكور لا توجد الا... 70
29 في كيفية دخول الشرور في القضاء الإلهي 72
30 في دفع أوهام وقعت للناس في مسئلة الخير والشر 78
31 في ان وقوع ما يعده الجمهور شرورا في هذا العالم قد تعلقت به... 91
32 في بيان كيفية أنواع الخيرات والشرور الإضافية 94
33 حكمة أخرى 101
34 في ان العالم المحسوس كالعالم المعقول مخلوق على أجود... 106
35 في بيان ان كل مرتبة من مراتب مجعولاته أفضل ما يمكن وأشرف... 108
36 في نبذ من آثار حكمته (تعالى) وعنايته في خلق السماوات والأرض 118
37 في ذكرا نموزج من آثار عنايته في خلق المركبات 124
38 في آيات حكمته وعنايته في خلق الانسان 127
39 في عنايته تعالى في خلق الأرض وما عليها لينفع بها الانسان... 134
40 في بدائع صنع الله في الاحرام الفلكية والأنوار الكوكبية 139
41 في اثبات ان جمعي الموجودات عاشقة لله سبحانه مشتاقة إلى لقائه 148
42 في بيان طريق آخر في سريان معنى العشق في كل الأشياء 158
43 في بيان ان المعشوق الحقيق لجميع الموجودات وان كان شيئا واحدا... 160
44 في التنبيه على اثبات الصور المفارقة التي هي مثل الأصنام الحيوانية 169
45 في ذكر عشق الظرفاء والفتيان للأوجه الحسان 171
46 في ان تفاوت المعشوقات لتفاوت الوجودات 179
47 في اختلاف الناس في المحبوبات 184
48 في الإشارة إلى المحبة الإلهية المختصة بالعرفاء الكاملين... 188
49 الموقف التاسع في تمهيد أصول يحتاج إلى معرفتها في تحقيق وأول الهويات... 192
50 في ان أول ما يصدر عن الحق يجب ا ن يكون أمرا واحدا 204
51 في سياقة أخرى من الكلام لتبين هذا المرام أورده (بهمنيار) 207
52 وهناك مساق آخر في البرهان على هذا الأصل افاده الشيخ الرئيس... 209
53 في ذكر شكوك أوردت على هذه القاعدة والإشارة إلى دفعها 211
54 وهم وتنوير 219
55 في قاعدة امكان الأشرف الموروثة من الفيلسوف الأول مما يتشعب 244
56 اشكال فكري وانحلال نوري 254
57 تبصرة مشرقية 257
58 في نتيجة ما قدمناه من الأصول وثمرة ما أصلناه في هذه الفصول 258
59 تبصرة تفصيلة 262
60 تكميل انحلالي لشك اعضالي 276
61 الموقف العاشر في الإشارة إلى شرف هذه المسئلة وان دوام الفيض والجود لا ينافي... 282
62 في بيان حدوث الأجسام بالبرهان من مأخذ آخر مشرقي غير ما سلف 297
63 في ذكر ملفقات المتكلمين ونبذ من آرائهم وأبحاثهم في هذه المسئلة 298
64 في بعض احتجاجات المتكلمين وأرباب الملل وانقطاع الفيض 300
65 في طريق التوفيق بين الشريعة والحكمة في دوام فيض الباري وحدوث العالم 326