انا من أهوى ومن أهوى انا * نحن روحان (1) حللنا بدنا فإذا أبصرتني أبصرته * وإذا أبصرته أبصرتنا ثم لا يخفى ان الاتحاد بين الشيئين لا يتصور الا كما حققنا وذلك من خاصية الأمور الروحانية والأحوال النفسانية واما الأجسام والجسمانيات فلا يمكن فيها الاتحاد بوجه بل المجاورة والممازجة والمماسة لا غير بل التحقيق ان لا يوجد وصال في هذا العالم ولا يصل ذات إلى ذات في هذه النشأة ابدا وذلك من جهتين.
إحديهما ان الجسم الواحد المتصل إذا حقق امره علم أنه مشوب بالغيبة والفقد لان كل جزء منه مفقود عن صاحبه مفارق عنه فهذا الاتصال بين اجزائه عين الانفصال الا انه لما لم يدخل بين تلك الأجزاء جسم مبائن ولا فضاء خال ولا حدث سطح في خلالها قيل إنها متصله واحده وليست وحدتها وحده خالصه عن الكثرة فإذا كان حال الجسم في حد ذاته كذلك من عدم الحضور والوحدة فكيف يتحد به شئ آخر أو يقع الوصال بينه وبين شئ.
والأخرى انه مع قطع النظر عما ذكرنا لا يمكن الوصلة بين الجسمين الا بنحو تلاقى السطحين منهما والسطح خارج عن حقيقة الجسم وذاته فاذن لا يمكن وصول شئ من المحب إلى ذات الجسم الذي للمعشوق لان ذلك الشئ اما نفسه أو جسمه أو عرض من عوارض نفسه أو بدنه والثالث محال لاستحالة انتقال العرض وكذا الثاني لاستحالة التداخل بين الجسمين والتلاقي بالأطراف والنهايات لا يشفى عليلا طالب الوصال ولا يروى غليله واما الأول فهو أيضا محال لان نفسا من النفوس لو فرض اتصالها في ذاتها ببدن لكانت نفسا لها فيلزم حينئذ ان يصير بدن واحد ذا نفسين وهو