لمزاجها التي يكون في حد الاعتدال بين أطراف المتضادات حتى تستكمل بها وهكذا قياس كل قوه من القوى الباطنة والظاهرة الطبيعية والنفسانية والعقلية إذ كل قوه من جنس ما يقوى عليه وكذا كل قوه حاسه كما مر هي يكون من نوع محسوسها وكل قوه عاقله من قبيل معقولاتها فلأجل ذلك تستكمل بها وتخرج لأجلها من القوة إلى الفعل ومن النقص إلى الكمال سائره إياها متحده بها كما علمت مرارا.
ثم إن الانسان من جمله المكونات كأنه (1) ذات مجموعه من جميع ما في العالم من الأنواع والأجناس على وجه الاستعداد والقوة بمعنى ان كل جنس من أجناس الموجودات وطبقه من الطبقات وعالم من العوالم العقلية والنفسية والطبيعية يوجد فيه شئ ناقص في الابتداء مستعد للاستكمال وكل ناقص مشتاق إلى كماله فالانسان لكونه مشتملا على مجموع نقصانات الأشياء فلا جرم يشتاق بكله إلى ما هو جامع لكل الكمالات بالامكان العام ولا يوجد كمالات الأشياء كلها على وجه التمام الا في حق الباري لما له من الأسماء الحسنى ولهذا أحق الأشياء بان يكون معشوقا للكمل والعرفاء هو الحق جل ذكره وبعده في استحقاقية عشق الانسان مجموع العالم بكله لاشتماله على مظاهر صفات الله تعالى وأسمائه من العرش والكرسي والسماوات والشمس والقمر والنجوم والأرض بما فيها وعليها من أنواع الحيوانات والنباتات والجواهر المعدنية من الذهب والفضة وغيرهما والبحار وما فيها من العجائب وما يتكون في الجو من الرياح والسحب والأمطار والثلوج والبروق والشهب وغيرها والحركات العلوية والسفلية ومبادي تلك الحركات وغاياتها من العقول والنفوس الكلية والجزئية والطبائع الشريفة والخسيسة كل ذلك على أحسن ترتيب وأجود نظام بحيث يتحير الناظر اليه العارف بكيفية وضعها وترتيبها في حسن كماله ونظامه.
وبعد هذين الامرين أعني الاله جل ذكره ومظهره الأعظم الذي هو الانسان