الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك) (1) وحباك بالحياة وزينة الشعور وراعى شؤونك في نشأتك وأطوار حياتك الجنينية وبعد الولادة. فأين أنت عن رشدك ولماذا تاه شعورك وبماذا انخدع وجدانك؟ من هو الذي أوجدك. ومن هو الذي حباك بجمال الحياة وزينة الشعور جنينا ووليدا (أفي الشك فاطر السماوات والأرض) (2) (ألا يعلم من خلق) (3).
تضطرك الفطرة إلى تعليل الموجودات التي تشاهدها فتحرفك أوهام الأهواء إلى افتراض الجواهر الفردة وحركتها والأثير وزوابعه أو تكاثفه.
ومهما انحرفت ومهما افترضعت فإنك لا تقدر أن تقف بالتعليل في إيجاد الموجودات إلا على ما هو واجب الوجود في نفسه.
ولا تقدر أن تصفه بوجوب الوجود ما لم تقدر أن تنزهه عن كل ما ينافي وجوب الوجود. وأين أنت من ذلك وقد مر إنك مهما تفترضها ومهما تدعي فيها لم تقدر أن تنزهها عن تغير الكيان، ونقص الامكان، دع هذا ولكن واجب الوجود الذي ينتهي إليه التعليل في وجود الكائنات لا يمكن للوجدان الحر إلا الاعتراف بأنه عالم بغايات خلقه قد خلق لأهل الغايات.
فكيف يصح لكم أن تصفوا الجواهر الفردة والأثير بوجوب الوجود مع أنكم افترضتموها عديمة الشعور والادراك.
الدكتور: يا شيخ إني طالما أوجه فكري في هذه الأمور التي ذكرتها وغيرها وعلى الخصوص ما يجده في علم التشريح من عجائب الفوائد والغايات ودلالة الخلقة على قصدها.
وأقدر أن ما خفي على العلم أعجب وأدل على قصد الغاية