قحمتها في ضلال إنكار الوجود بعد العدم ودعوى امتناعه، مع إنك وكل أحد ترون وتجدون في كل ساعة ألوفا وألوفا مما حدث بعد العدم.
إن مثلك لا ينبغي أن يخفى عليه أنه يلزمه النظر الصادق في أمر الحقيقة واتباع الحجة الواضحة والدليل الهادي لكي ينجو من تيه الضلال، ويتمسك بما وصل إليه من العرفان.
فانظر هداك الله في أمر الإلهية بعين البصيرة وأثبت أقدامك في مراكز اليقين. فإذا تجلى لك أمر الإله وعلمه وحكمته فهل يقبل شرف إنسانيتك أن تفر فرار العبيد فتجحد الإله لمحض خوفك من الخضوع لنير تعاليم متدلسة باسم الدين. أليس من اللازم عليك أن تنظر في أمر التعاليم التي تدعر، إليها. فما عرفته أنه من التعاليم الإلهية الحقيقية أخذت به وأرشدت بني نوعك إليه.
وما عرفته أنه من الأهواء المتدلسة باسم الدين أعرضت عنه وأوضحت لبني نوعك ضلاله. فإن هذه التعاليم المتدلسة كما قلت أنت هي نير الشقاء وغل الضلال والعناء. وثقل الخسران الباهض. ولكن هل يخفى عليك أن التعاليم الإلهية الحقيقية هي من رحمة الله للبشر وهي تاج الشرف وزينة الكمال وفخر الأحرار يستريحون إلى كمالها وعدلها وإصلاحها من عبودية الشهوانية البهيمية ونير الأهواء الخسيسة.
فيا للعجب من فضيلتك أيها الدكتور أراك تحيد عن الحجة الساطعة في أمر الإلهية والمحجة الواضحة في العلم وتعلل بهذه التشبثات الباردة.
الدكتور: ألا تجري يا شيخ في الاحتجاج على المعارف الإلهية لكي أعيد النظر وازداد في البصيرة.
الشيخ: مهما اختلفت الأهواء وتشعب الجهل فإنها لا تثنى فطرة الانسان الأولية عن حكمها بلزوم تعليل الكائن والنظر في علته وإن اقتصر بعض المغفلين والقاصرين على ما يهمه في حاله الحاضر وحاجته الوقتية