الطفيفة.
ولكن جميع النفوس في نظرها إلى هذا العالم وما يحدث فيه كل آن من الموجودات التي لا تحصى لا زالت تطلب الوقوف على مصدر هذه الكائنات ومبدأ وجودها.
كانت الأهواء ههنا قد عملته أعمالها بدسائسها.
فكان نوع الناس بجامع الفطرة الانسانية قديما وحديثا ينظرون إلى العلة الفاعلة في إيجاد الموجودات مدرجين مادتها في لفيف الموجودات الحادثة.
إذ يجدون بفطرتهم وإحساسهم وبرهانهم إمكان وجود المادة بعد عدمها وخضوع وجودها للقدرة الفعالة. فإنهم يجدون موجودات بصورة ومادة لم يكن لهما سابقة في الوجود. ويوضح لهم العلم بدلائله والفطرة بسيرها المستقيم أن القول بقدم المادة مهما تقلبت به الأفكار واحتالت له إنما هو رأي مخدوع، ودعوى تحتوشها النقود والردود. وكيفما كان فإنه لا يغني شيئا عن لزوم القول بقدم العلة الفاعلة الايجاد والنظر في أمرها وإن كانوا قد ذهبت بهم في ذلك المذاهب الكثيرة حسبما تسمح الفرصة للأهواء وغفلات الجهل أو يستقيم السير في نهج العلم اليقين.
ثم نبغ من خلال الأعصار وشذاذ البشر قوم صرفتهم الصوارف عن النظر إلى العلة الفاعلة في إيجاد العالم فتساهلوا في أمرها ووجهوا همتهم إلى افتراض المادة ووصفوها بالأزلية مع اختلافهم في وجوه افتراضها.
وأوكلوا أمر العلة الفاعلة إلى صدفة حركة الجواهر أو زوابع الأثير أو تكاثفه وأغمضوا النظر عن تعليل هذه الحوادث الافتراضية أعني الحركة والزوابع والتكاثف. فخيلوا أنهم قد أصابو الموقف العلمي في التعليل ومركز اليقين الثابت.
ولكن يا صاحبي يا حضرة الدكتور إن ثوب الأزلية لا يكون بحياكة