المسافة فيما بين المشرق والمغرب وقلة الساكنين. واعرف أن اليابسة المسكونة من آسيا وأورپا وأمريكا الشمالية تمتد إلى نحو الدرجة الثمانين من العرض الشمالي مع كثرة المسافة جدا في ما بين المشرق والمغرب وكثرة الساكنين فالنصف الشمالي إن قرب من الشمس من حيث البروج بعد عنها من حيث المدار البيضي، وإن بعد عنها من حيث البروج قرب منها من حيث المدار البيضي. كل ذلك مراعاة لأهمية العمران في القسم الشمالي الواسع بحسن التعديل والموازنة.
ثم انظر إلى دور الأرض على الشمس على منطقة البروج وحركتها اليومية على نفسها فكم ترى في ذلك من الغايات الكبيرة في موازنة الآثار، وتعديل العمران، وتوزيع المنافع، وأخذ كل جزء من الأرض حظه من النور بناموس مقدر على الدوام، وتعديل الحرارة والبرودة، وتنفس الاستراحة، واستنشاق النسيم الخالص، وموازنة الزمان، وحفظ التاريخ.
وانظر إلى قمر أرضنا كيف تبع الأرض في دورها على الشمس واستقل بمداره على الأرض مائلا متحايدا عن منطقة البروج بهيئة مقدرة وحركة متوازنة. وانظر إلى ما في ذلك من الغايات الكبيرة التي منها جعل تاريخ شهري يعرفه العموم، وتوقيت تجريبي للناس في ليالي الشهر بحسب الطلوع والغروب والعلو والانخفاض ودليل هاد في غمرات البحار وفلوات البوادي. ومنها موازنة تأثيراته ونوره الضعيف في المسكون.
ومنها تقليل اتفاق الخسوف والكسوف. ولولا ذلك الميل لوقع الخسوف والكسوف في كل شهر، ولينظر الفلكيون المكتشفون لأقمار المريخ، والمشتري، وزحل ويعتبروا بالحكمة التي راعت أبعادها عن الشمس فمنحتها بالأقمار التي تعكس إليها نور الشمس فتزين لياليها ببهجة النور وبهائه وكبير نفعه وعظيم أثره.
وقد وازنت الأقمار على الابعاد فجعلت لأرضنا قمرا واحدا.
وللمريخ الزائد على أرضنا بالبعد جعلت قمرين. وللمشتري الزائد على