منه، وهي هنا موجودة على ما نقول كما ترى، فتعين أن المراد بلفظ مولى في الخبر الأولى بالتصرف، وبه يثبت المطلوب.
وبالجملة أن هذا الخبر نص صريح على أمير المؤمنين (عليه السلام) بالإمامة يقينا لا ينبغي للخصوم الشك فيه، ولا التشكيك، لولا ما ارتكبوه فيه من التأويلات البعيدة الباردة التي يحكم الذوق المستقيم باستحالتها للشبهة التي اتخذوها حقا والبدعة التي جعلوها سنة، وكيف يصح أن يريد النبي (صلى الله عليه وآله) هنا بالمولى الناصر والمعين وابن العم والحليف كما قالوه، فيكون (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قام في حر الظهيرة وجمع الناس في سعير الهاجرة يخبرهم عن شئ علموه أولا على لسانه من القرآن الكريم في قوله تعالى: [والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض وغيرها] (1) من الآيات الكثيرة وعرفوه من قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) مرات متعددة، وتيقنوه من دون خبر إذ لا يجهل أحد أن عليا ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأن من كان ابن عم أحدهما فهو ابن عم الآخر والحليف كذلك وينبئهم عن علي (عليه السلام) بشئ لا يختص دون المؤمنين كافة، ولا دون سائر بني هاشم في ذلك المقام الوعر، وهذا لو فعله سائر الناس أو صدر من بعض عامتهم لنسبه العقلاء إلى ضعف العقل، وطعن فيه أهل الروية بقلة الرأي، فكيف يصدر مثله عمن لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فيجب أن النبي (صلى الله عليه وآله) إنما أخبرهم في ذلك المشهد بشئ من الولاية يختص به علي (عليه السلام) دون سائر المؤمنين ودون باقي بني هاشم، وما هو إلا أنه ولي بولاية الرسول (صلى الله عليه وآله) على المؤمنين وأولى بالتصرف فيهم من أنفسهم باليقين، فيكون هو الإمام لا معنى للمولى هنا إلا