فهموا من لفظ المولى في كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إرادة الأمير الذي هو الإمام فسلموا على علي بالموالاة بدل الإمارة لأنها عندهم بمعناها فمرادهم بمولانا أميرنا ولو كان مرادهم المعونة والنصرة لم يكونوا سلموا عليه بالإمرة لكنهم قصدوا من اللفظ المذكور التسليم عليه بها، ولولا ذلك لما كان لضحك علي (عليه السلام) واستبشاره باستدلالهم على ذلك بالحديث معنى ولا لقوله لأصحابه اشهدوا فائدة لأنهم لا يشكون قبل ذلك في أنه من المؤمنين الذين صرح القرآن بأن بعضهم معين بعض وناصره بل لا يشكون في أنه سيد المؤمنين وإمامهم في ذلك الوقت، ثم إن راوي الحديث يفهم منه أنه فهم من قصد الأنصار الولاية العامة لا المعونة والنصرة فتأمل.
قال ابن أبي الحديد وقال أبو بكر: وحدثني علي بن سليمان النوفلي قال سمعت أبي يقول: ذكر سعد بن عبادة يوما عليا (عليه السلام) بعد يوم السقيفة فذكر أمرا من أمره نسيه أبو الحسن يوجب ولايته فقال ابنه قيس بن سعد أنت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول هذا في علي بن أبي طالب (عليه السلام) ثم تطلب الخلافة ويقول أصحابك: منا أمير ومنكم أمير؟ لا كلمتك والله من رأسي بعدها كلمة أبدا (1) انتهى.
فهذا كما ترى دال على أن من طلب الخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من القوم ليس لعدم علمه بنص الغدير بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) ولا لأن هذا اللفظ لا يوجب له الإمامة ولكن كان ذلك منهم حبا للرئاسة وطلبا للإمرة وتعمدا لمخالفة نص الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك الغرض ولذا أنكر قيس على أبيه طلب الخلافة بعد سماع