وبعبارة أخرى: لو كان في عصر واحد إمامان واجبا الطاعة فأمر أحدهما بشئ ونهى الآخر عنه فإما أن يجب امتثال أمرهما معا فيجب فعل ذلك الشئ وتركه في حال واحدة وذلك ممتنع لامتناع اجتماع الضدين، أو عدم امتثال أمرهما معا فيكون من هو واجب الطاعة محرمة طاعته في حال واحدة هذا خلف أو ترجيح قول أحدهما بغير مرجح وهو قبيح أو تقديم قول أحدهما لمرجح فيكون هو الإمام ويخرج الآخر عن الإمامة لعدم وجوب طاعته فلما كان في اجتماع إمامين في عصر واحد لزوم المحال أو خلاف المفروض من طاعة الإمام والترجيح بدون المرجح وجب وحدة الإمام في الزمان الواحد، ولذا ورد عن مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) أنه سئل:
أيكون إمامان في عصر واحد؟ قال: (لا إلا وأحدهما صامت) (1) ومن هذا بطل ما ينقل عن الزيدية من جواز نصب إمامين في عصر واحد كل واحد في ناحية (2)، وهذا لا يرفع التناقض ولا يزيل المحذور إن لم يزده لو فرض صدور أمر كل منهما إلى أهل ناحية الآخر بشئ وصدر من الآخر نهي أهل ناحيته عنه تقدير طاعة أهل الناحيتين لكلا الإمامين واستشراء الفساد بعصيان كل من أهل الناحيتين لإمام الأخرى عند طلبه منهم الطاعة فيحدث القتال ويشيع الجدال، ومن هذا علم بطلان ما قيل: إن غاية الأمر أنه لا بد في كل اجتماع من رئيس مطاع منوط به النظام والانتظام، لكن من أين يلزم عموم رئاسته جميع الناس وشمولهما أمر الدين والدنيا على ما هو المعتبر في الإمام؟ مع أنه أجاب عنه أهل الاختيار: بأنا نعلم أن انتظام أمر الدين والدنيا على جهة العموم على وجه يؤدي إلى الصلاح فيهما مفتقر إلى رياسة عامة لأنه لو تعدد الرؤساء في الأصقاع والبقاع لأدى إلى منازعات ومخاصمات