وسيد المرسلين وشفيع يوم الدين سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله النبي الأمي، وعلى آله البررة الأخيار الناسجين على منواله، والمقتفين أثره في أفعاله وأقواله، حجج الله على بريته، وخلفاء رسوله على أمته الحافظين لكتابه وسنته والعاملين بأحكام شريعته والمطهرين من مقارفة معصيته، والمنزهين عن ارتكاب مخالفته الذين ماز (1) الله بولايتهم الخبيث من الطيب ببديع حكمته كما قال في محكم كتابه {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب..} (2) ففرض ولاءهم على لسان نبيه الكريم الأمين فامتاز به الغث من السمين، وأبى عن حمله من خبثت طينته من الأشقياء وسارع لحمله وقبوله من سبقت له من الله الحسنى، وعلى أصحابه المنتهين إلى أمره والمنزجرين بزجره ما هدل الحمام (3) وهطل الغمام.
أما بعد:
فيقول المفتقر إلى فيض ربه السبحاني علي بن عبد الله بن علي البحراني ألهمه الله تقواه وأتاه هداه: إن أمر الإمامة والإمام، مما شاع فيه بين الأمة الجدال والخصام، وطال فيه البحث والكلام، وبذل كل فريق جهدهم في إثبات ما ذهبوا إليه، وأجهد كل قوم أنفسهم في تقوية ما اعتمدوا عليه، فكم جمع أصحابنا المتقدمون فيه من مصنف فائق، وكم حرر أسلافنا الصالحون فيه من مؤلف رائق أقاموا في تلك الصحف والمصنفات على صحة مذهبهم الأدلة الواضحة، وأظهروا عليها البراهين اللائحة، التي انجلى غبارها وسطع منارها مما فيه كفاية كل طالب ومنتهى رغبة كل راغب بحيث لم تبق لقائل مقالة ولا لمتعلل علة ولا لخصم