الظالمون... هم الفاسقون} (1) والقرآن لم ينزل ليوضع بين يدي الحكام للحلف به والحكم بغيره، أو لتفتتح به الإذاعات، ثم يعقبه ما لا يرضي الله تعالى، أو ليكون زخارف تعلق على الجدران، أو تمائم تناط بالأعناق، أو ليتلى في المآتم، أو ينقش على ألواح القبور، أو ليطرح عليها، القرآن أنزل للأحياء لا للأموات، وللعمل لا للتلاوة فحسب.
وهيهات أن تنفذ أحكامه، وتقام حدوده ما لم يكن بين الناس من يؤتمن على حفظه، ويقوم بتطبيقه، ولا يمكن أن يقوم بهذه المهمة، أو يضطلع بهذه المسؤولية إلا شخص له صفات خاصة تؤهله لهذا المقام الأسمى، وذلك هو الذي تجب طاعته، ويلزم اتباعه، لأنه خليفة الرسول، والقائم مقامه {من يطع الرسول فقد أطاع الله} (2) وهو ولي الأمر الذي أمر الله تعالى باتباعه {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} (3) وموضع ذي بال كهذا لا بد أن ينال من اهتمام العلماء - على اختلاف مذاهبهم - ما لم ينله موضوع سواه، ولذا كثرت المؤلفات في الإمامة من صدر الإسلام وإلى يوم الناس هذا حتى تجاوزت العشرات بل المئات من المجلدات تعرف ذلك بمراجعة معجمات الرجال، وفهارس الكتب، عدا من تعرض لذلك ممن خصصوا لهذا الموضوع في كتبهم أبوابا، أو تعرضوا لذكره استطرادا، وقد طال الكلام فيها وعرض، في وجوبها وعدمه، وإذا وجبت هل هل هي واجبة على الله تعالى أم على الخلق؟ وهل هذا الوجوب من جهة الشرع أو العقل، أو من قبلهما معا، وفي صفات الإمام من حيث العصمة وعدمها والقرشية وغيرها، وهل وهل وهلم جرا.