مقام بيانها ومحله مبحث النبوة، وهذا يتمشى على قواعدنا من اشتراط المعجزة في الإمام كالنبي، وعلى قواعد غيرنا للسمع والأولوية، أو لأنه نائب عن النبي فيجب أن يكون من نوعه أو علة أخرى.
وبقيد الخلافة خرجت النبوة، وفي بعض الحدود نيابة عن النبي والمعنى واحد، ونقل عن بعض الفضلاء أنه عرف الإمامة بأنها رئاسة عامة في أمور الدين والدنيا لشخص إنساني بحق الأصالة، قيل: واحترز به عن نائب يفوض إليه الإمام عموم الولاية فإن رئاسته عامة لكن ليست بالأصالة، وأجيب بأن النائب المذكور لا رئاسة له على إمامه فليست رئاسته بعامة فتخرج بقيد العموم ولا يحتاج في إخراجها من الإمامة إلى ذكر الأصالة، وجعل بعض الأفاضل موضع خلافة عن النبي في الحد لفظ بحق النيابة عن النبي أو بواسطة بشر وكلاهما يؤدي مؤدى لفظ الخلافة عن النبي إلا أن الأول يزيد عليه بالتصريح بإخراج الإمامة بالاختيار من الحد حيث أخذ حق النيابة قيدا للرئاسة ولا يعلم أن النائب تحق له النيابة عن النبي إلا بنصه عليه، وظني أن هذا التقييد زائد عن مفهوم الإمامة من حيث هي هي، فإن كون الإمامة مشروطة صحتها بالنص أم تصح بالاختيار أمر آخر وراء مفهومها وحقيقتها.
وأما الثاني: وهو قوله بواسطة أحد من البشر فلا يقتضي أكثر من كون الإمام منصوبا من قبل أحد من البشر وهذا لا ينفي الاختيار في الإمامة فيرجع في نفسه فيها إلى أمر آخر وهو ما سنذكره من الأدلة على بطلان الاختيار، على أن كلا من لفظ الخلافة والنيابة يقتضي النص عندنا لزوما لأن مرادنا من الإمامة الصحيحة ولا تكون كذلك إلا باستخلاف النبي واستنابته ولا يكون ذلك إلا بنصه فيكون بحق في قوله بحق النيابة مستغني عنه لأنه مؤكد لا مؤسس.