وتأديب جناتها وتولية ولاتها وإقامة الحدود على مستحقيها ومحاربة من يكيدها ويعاديها، فعلى الوجه الأول لا يكون نبي من الأنبياء إلا وهو إمام، وعلى الوجه الثاني لا يجب في كل نبي أن يكون إماما إذ يجوز ألا يكون مأمورا بتأديب الجناة ومحاربة العداة والدفاع عن حوزة الدين ومجاهدة الكافرين " انتهى (1)، وأنت خبير بأن الإمامة المذكورة في الحد شاملة للوجهين المذكورين لأنها رئاسة في الدين والدنيا فتخرج النبوة بقيد الخلافة أو النيابة، ثم إن الإمامة على ما هي مذكورة في الحد هي الملك العظيم المذكور في قوله تعالى:
{فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما} (2) فالكتاب النبوة، والحكمة العلم والملك العظيم الإمامة وهي عبارة عن فرض الطاعة على المكلفين وهو معنى الرئاسة العامة وفي قوله تعالى في شأن داود: {وآتاه الله الملك والحكمة} (3) جمع الله له النبوة والرئاسة العامة كما جمعهما من قبله لموسى (عليه السلام) ومن بعده لابنه سليمان كما جمعا لنبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) واختص نوابه بالثاني لأن النبوة قد ختمت به والرسالة قد كملت برسالته فلا نبي بعده ولا شريعة بعد شريعته، وقد أنكر تقسيم الشيخ أبي علي (رحمه الله) في زماننا هذا من لم يعرف معنى الإمامة وزعم أن النبي لا يلزم أن يكون إماما مطلقا وهو مع ذلك يدعي أنه من العارفين لكنه جاهل جهله ولا عبرة بمثله.
ثم اعلم أيضا أن للإمام تقسيما آخر وهو إما أن يكون الإمام إماما ليس عليه إمام أو يكون إماما وعليه إمام.
والأول: يختص باهل الشرائع الست وهم آدم ونوح وإبراهيم وموسى