تقديم المفضول على الأفضل ولذا أنكروا على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تأمير أسامة بن زيد زعما منهم أن أسامة مفضول بالنسبة إلى المؤمر عليهم ولم ينكروا تأمير أبي عبيدة وعمرو وخالد على أبي بكر وعمر وعثمان فدل ذلك من فعلهم وقولهم على أنهم لا يرون لهم فضلا على الأمراء المذكورين في ذلك الزمان وإن قال به البعض بعد ما صار الثلاثة خلفاء فهو قول متجدد، وقد فضل الأنصار سعد بن عبادة على أبي بكر وقدموه عليه لولا ما رواه عمر من قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (الأئمة من قريش) وادعاء أبي بكر وصاحبيه القرابة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وميل بعض الأنصار لقريش حسدا لسعد وطعن سعد المذكور على أبي بكر وعمر بالمعصية في قوله: لو اجتمع الثقلان ما بايعتكما أيها الغاصبان، وطعن الحباب بن المنذر على عمر بالجهل وطعن طلحة عليه بالفظاظة والغلظة وأنكر على أبي بكر قوله فيه " إنه خير الناس "، وكل ذلك محقق عندهم فأين الإجماع من الصحابة على فضلهم فضلا عن أفضليتهم؟ على إن هذا الإجماع المدعي لو تحقق منهم لكان مناقضا لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث تأمير أسامة وإذا كان الإجماع مناقضا لقول النبي (صلى الله عليه وآله) كان باطلا والحق أن أفضلية الثلاثة لم تكن معروفة في زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بين الصحابة وأنها بعده من المختلف فيه بينهم وإن أراد إجماع الأشاعرة فهو لا يرضى به فإنهم وإن لم يستقبحوا تقديم المفضول على الأفضل بناء على أصلهم من نفي الحسن والقبح العقليين لكنهم يفضلون الثلاثة على علي (عليه السلام) في معنى كثرة الثواب، وهو يبطل ذلك كله وإن أراد إجماع أصحابه المعتزلة فهو معارض بإجماع الشيعة على تفضيل أسامة على أبي بكر وعمر وعثمان وأن الباقين أحسن حالا منهم لا سيما في كثرة الجهاد، والشيعة أكثر من المعتزلة فيحتاج في ترجيح أحد الإجماعين على الآخر إلى مرجح من الأدلة فإن احتج بالسبق
(١٣٣)