المهاجرين والأنصار وقالوا يؤمر هذا الغلام الحدث على جلة المهاجرين والأنصار قام خطيبا فقال فيما أجابهم به: (لأن طعنتم على في تأميري أسامة فقد طعنتم في تأميري أباه من قبله وأيم الله إنه كان لخليقا بالإمارة وابنه من بعده لخليق بها وإنهما لمن أحب الناس إلي) إلى قوله (فإنه من خياركم (1) فما نرى الصحابة رجعوا في إنكارهم إلا إلى قبح تقديم المفضول على الأفضل لزعمهم أن في القوم الذي أمر عليهم أسامة من هو أفضل منه وما نرى النبي (صلى الله عليه وآله) أجاب عن إنكارهم إلا بأن أسامة خليق بالإمارة لأنه من خيارهم ولم يجبهم بأنه لا بأس بتقديمه لأن المفضول يجوز تقديمه على الأفضل ومن هذا الخبر يعلم أن الصحابة لا يجوزون تقديم المفضول على الأفضل وإن غلطوا في التفضيل وأنهم إن قدموا المفضول فهو خلاف مذهبهم أو لتوهمهم أفضليته غلطا.
ومنها ما رووه وصححوه من قول النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي الدرداء (2) حين كان يمشي أمام أبي بكر (أتمشي أمام من هو خير منك!) وهذه الرواية (3) وإن لم تكن عندنا بشئ لكنا نحتج بها على مخالفينا من باب إلزام الخصم بما ألزم به نفسه وهي صريحة تمام الصراحة في قبح تقدم المفضول على الأفضل في المشي فما ظنك في تقدمه عليه في الإمامة والأمر والنهي والحكم والصلاة وغير ذلك من المناصب الشرعية، وهل تجويز ذلك إلا مخالفة لما صح عندهم عن الرسول (صلى الله عليه وآله) على عمد.