ومنها ما استفاض من طرقنا عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال (من أم قوما وفيهم من هو أفضل منه لم يزل أمرهم في سفال إلى يوم القيامة) (1) وفي رواية أخرى (من تقدم قوما وفيهم من هو أعلم منه كبه الله على منخريه في النار) وهما صريحتان في المدعي وليس للخصوم أن يقدحوا فيهما بعد ما رووا عن النبي (صلى الله عليه وآله) ما يوافق مضمونهما مما مر ذكره وغيره، وما يفهم من مذهب الصحابة مما مضى بيانه ويأتي عن قريب وقد تبين من جملة ما حررناه وجوب أفضلية الإمام على رعيته، وأنه لا يجوز أن يكون في رعية الإمام من هو أفضل منه بوجه من الوجوه، وخالفنا في ذلك أكثر العامة من الأشاعرة وغيرهم فجوزوا إمامة المفضول، وبالغ في ذلك المعتزلة غاية المبالغة فصححوا إمامة الخلفاء الثلاثة مع ذهاب المعظم من محققيهم كمعتزلة بغداد قاطبة وجماعة كثيرة من معتزلة البصرة إلى تفضيل علي (عليه السلام) على جميع الصحابة بالمعنيين من التفضيل وصرح عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المدائني وهو من أعاظم المعتزلة في شرح نهج البلاغة تمام التصريح (2) به قال وهو يخبر عن الله بزعمه: وقدم المفضول على الأفضل لمصلحة اقتضاها التكليف (3) والمقصود من هذه العبارة أن الله أوجب الاقتداء بالمفضول واتباعه وترك اتباع الأفضل للمصلحة المذكورة وفي كتابه عنه ونقلا عن أصحابه مثل هذا كثير.
أقول وهذه الدعوى مع ما فيها من الافتراء على الله قد كذبتها مضافا