إلى ما مضى من الأدلة سيرة أئمة المعتزلي وما صح نقله عنده من طريقهم وذلك من وجوه.
الأول إن أبا بكر لما قال لأصحاب السقيفة " هذان عمر وأبو عبيدة فبايعوا أحدهما " قال له عمر " كيف أتقدم عليك وأنت أقدم مني إسلاما وأنت صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وثاني اثنين في الغار، وقدمك رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الصلاة رضيك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لديننا أفلا نرضاك لدنيانا "؟ وقال للناس " أيكم يطيب نفسا أن يتقدم قدمين قدمهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الصلاة " (1) فنرى عمر لم يجوز لنفسه ولا لغيره التقدم على أبي بكر لأفضلية أبي بكر عليه وعلى غيره في الخصال التي ذكرها بزعمه لا لشئ آخر وما نراه قال لأبي بكر نعم أنا أفضل منك أوهنا من هو أفضل منك، ولكن المصلحة التي اقتضاها التكليف تقديمك على من هو أفضل منك كما ادعاه المعتزلي.
الثاني: إن أبا بكر لما استخلف عمر قال له طلحة: " ماذا أنت قائل لربك إذا قدمت عليه وقد وليت علينا فظا غليظا " فغضب أبو بكر وقال لطلحة " أبالله تخوفني إذا لقيت ربي فسألني قلت خلفت عليهم خير أهلك " فقال طلحة " أعمر خير الناس يا خليفة رسول الله " فاشتد غضبه فقال " أي والله هو خيرهم وأنت شرهم " (2) فما نرى أبا بكر احتج على تقديمه عمر على الناس إلا لأفضليته عليهم عنده، وما نرى طلحة أنكر على أبي بكر تقديمه عمر إلا لمفضوليته عنده وكونه على صفة لا يصلح صاحبها للإمامة، وهي كونه فظا غليظا كما صرح به، وما أجاب أبو بكر طلحة عن ذلك ولا اعتذر