ويقيم عليه دليلا وغير ذلك من اللوازم المذكورة في الدليل مع مباشرة الإمام المعصية وهو لم يقم على منع شئ منها حجة بالمرة، فليس إيراده بوارد علينا بل هو مما نقول به ونجعله جزءا من الدليل كما ترى، وقوله: فإن لم يتيسر فسكوت عن اضطرار واه جدا، لأنه يستلزم أمرين قبيحين: أما كون ذلك الإمام العاصي متظاهرا بالمعصية ومتغلبا على الأمة بمن يوافقه من العاصين بحيث يبلغ تغلبه إلى خوف أهل العلم والفضل من الانكار عليه إذا عصى ولا يقدرون على إظهار النكير عليه لتجبره وتكبره عن قبول الحق والعمل به ومعلوم أن هذا ليس بإمام مرشد ولا رئيس عادل، بل هو ظالم جائر وجبار فاسق ولا يصلح أن يكون إماما إلا للقوشجي وأمثاله وليس كلامنا في مثل هذا العنيد المريد، ولا يجوز للقوشجي أن يناضل ويخاصم عن مثل هذا الإمام الفاجر الذي يدعو إلى النار ويتكلف لنصرته كلاما مسجعا لا حقيقة له يشبه سجع الكهان، وليس هذا بإمام أصلا حتى نحتاج إلى البحث عنه، وهذا المعنى هو الأقرب والأنسب بعدم تيسر الانكار والسكوت عن اضطرار في كلامه، أي إن الناس يضطرون إلى السكوت عن ذلك الإمام فلا ينكرون عليه لخوفهم من شره وطغيانه، وأما كون الأمة موافقين له على المعصية فاضطروا إلى السكوت لاتفاق الجميع على العصيان وهذا كما ترى مستلزم لإجماع الأمة على الخطأ واتفاقهم على الباطل وإلا كيف يتصور عجز كافتهم وعدم قدرة جميعهم عن الانكار على ذلك الفاسق لولا مواطاتهم معه على الخطيئة وهو باطل عنده فبطل جوابه من جميع وجوهه وصح دليلنا، اللهم إلا أن يقول إن الإمام لا يشترط فيه العدالة أيضا كما يفهم من كلام جماعة من قدماء العامة وحينئذ يلزمه الائتمام بمن وجبت منه البراءة بقوله تعالى: [ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار] (1) فيستحق ما وعد الله من العذاب والخزي على ولاية الظالمين ومعونتهم وبئس هذا المذهب مذهبا.
(١٠٧)