الرابع (1): إن الإمام لو أقدم على المعصية للزم من ذلك انحطاط درجته عن أقل العوام لأنه أعرف بمثالب المعاصي ومناقب الطاعات فصدور المعصية منه أقبح من صدورها من العوام وذلك ينافي علوه وأبهة رياسته ويكون أنزل درجة من العوام ورعاع الناس فوجب أن يكون معصوما، ولا قدح للقوشجي فيه وكأنه لا يمنع كون الإمام ناقص الدرجة عن عوام الناس كما يظهر من كلاميه المتقدمين.
الخامس (2): إن الإمام أمين المسلمين على دينهم وخازنهم على أموالهم فلو لم يكن معصوما لم يؤمن عليه من تغيير الأحكام والمحاباة في القضاء بين المسلمين والايثار بالمال لرغبة أو رهبة كما وقع لأئمة القوم فيجئ الفساد من حيث طلب الصلاح، والعدالة لا تكفي لجواز ارتفاعها عند عروض الأسباب الداعية إلى ما ذكرنا إذ ليست من الصفات اللازمة فلا يحصل بها الأمن اليقيني من تغيير الأحكام والإيثار بالمال فلا تنحسم بها مادة التهمة المثيرة للخلاف والفتنة فوجب كون الإمام معصوما لحسم تلك المواد المنافية للغرض من نصب الإمام الذي من جملته حصول الألفة به.
السادس (3): إنه لو لم يكن في الأمة معصوم يجوز عليه الخطأ في الأحكام لم يكن إجماعهم حجة لجواز الخطأ على كل الأفراد فيجوز على الجملة كما بيناه أولا ويشير إليه قوله تعالى: [أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم] (4) وقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (ألا لا ترجعن بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف) (5) فإن هذا الخطاب لا