والتسلسل باطل فوجب أن يكون الإمام معصوما دفعا للزوم التسلسل لولاه، وأجاب القوشجي عن هذا الدليل بأن للأشاعرة أن يقولوا لا نسلم أن الحاجة إلى الإمام لما ذكرتم، بل لما ذكرنا في وجوب نصب الإمام ولا يلزم أن يكون معصوما.
أقول: وجوابه قد عرفته فيما سبق عند إيراد ما احتج به على وجوب نصب الإمام سمعا فإنا بينا هناك بطلان ما قال وبينا أن الحاجة إلى الإمام هو ما ذكرناه لا ما ذكره خاصة بما لا مزيد عليه.
الثاني: إن الإمام حافظ للشرع فلو جاز الخطأ لم يكن حافظا له هذا خلف إما أنه حافظ للشرع فلما نبينه وما بيناه في المقدمة، وإما أن المخطئ غير حافظ للشرع فظاهر لا يحتاج إلى بيان فوجب أن يكون الإمام معصوما.
وأجاب القوشجي عنه بأن الإمام ليس بحافظ للشرع بذاته بل بالكتاب والسنة واجتهاده الصحيح فإن أخطأ في اجتهاده فالمجتهدون يردون والآمرون بالمعروف يصدون وإن لم يفعلوا أيضا فلا نقص للشريعة القويمة.
أقول: هذا الجواب فاسد أما قوله: ليس حافظا للشرع بذاته، فما أدري ما عنى به؟ فإن كان يعني أن الإمام علمه ذاتي كعلم البارئ تعالى لا يحتاج إلى التعلم فذلك ما لا يدعيه أحد من الناس، وإنما المدعي كونه معلما من الرسول (صلى الله عليه وآله) جميع ما يحتاج إليه الناس في أمور دينهم ودنياهم ومفهما من الله علم التأويل بحيث لا يشذ عنه حكم واقعة من الوقائع ولا يسئل عن شئ إلا وهو يعلمه من كتاب الله علما لا تغير فيه ولا تبديل ولا اختلاف وليس علما اجتهاديا وحكما نظريا يختلف باختلاف النظر ويتغير بتغير الاجتهاد، وإن عنى بقوله بذاته هذا المعنى المدعى فليس هذا علما ذاتيا وإنما هو علم من الكتاب والسنة وليس بخارج عنهما لكنه علم يقيني لا يتطرق