هم الأئمة إمام بعد إمام لكان ذلك أدل على المراد من إثبات عصمة الإمام من الأول فتأمل.
الثامن: قوله عز وجل: [وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين] (1) وجه الدلالة أن الآية تضمنت سؤال إبراهيم الخليل ربه القاهر الجليل أن يجعل من ذريته إماما فأجابه الله تعالى بأن الإمامة وهو قوله [عهدي] لا تنال الظالمين فلا يكون من جرى عليه اسم الظلم لها أهلا ولا لمقامها مستحقا إذ من المعلوم ضرورة أن الخليل (عليه إسلام) لم يسأل الإمامة لظالم في حال ظلمه ولا لعاص في وقت عصيانه، وإنما سألها لمن كان من ذريته في حال استقامته وصلاحه، فأخرج الله منها الظالم فيلزم أن يكون المراد بالظالم من جرى عليه اسم الظلم وقتا ما فيجب من ذلك أن يكون مستحق الإمامة من لم يجر عليه اسم الظلم من أول عمره إلى آخره وذلك معنى العصمة، ثم إن الظلم يطلق على الشرك والكفر وسائر المعاصي فمن إطلاقه على الشرك قوله تقدس وتعالى: [إن الشرك لظلم عظيم] (2) ومن إطلاقه على الكفر قوله تعالى: [والكافرون هم الظالمون] (3) ومن إطلاقه على سائر المعاصي قوله تعالى: [لكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون] (4) فسمى أخذ الربا ظلما ونقص الغريم رأس مال معامله ظلما وليس واحد منهما بكفر اتفاقا وقوله تعالى: [لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم] (5) معلوم أن المراد من عدم محبة الله الجهر بالسوء من القول في المسلمين لا في الكفار إذ لا