ومصدود عن الأمر دائما لدوام اختلاف المجتهدين؟ افترى هذا إماما أم هو أذل المأمومين؟ وبعد فمن أين توجه عليه الخطأ في الاجتهاد عند القوشجي وأصحابه واحتيج إلى الانكار عليه من المجتهدين مع حكمهم بأن كل مجتهد مصيب؟ وهل يبقى على هذا القول فضل لمجتهد على مجتهد آخر حتى يكون أحدهما يرد الآخر عن اجتهاده ويصده عن حكمه؟ ثم لو قلنا بعدم الإصابة في الاجتهاد الذي هو مخالف لقول المجيب فمن أين علم أن المخطئ هو الإمام وأن المصيب غيره؟ وهل يعلم ذلك إلا من هو مطلع على باطن حكم الله في الواقع؟ وإذا وجد هذا فهو الإمام لا محالة، لا ذلك المجتهد المخطئ والمجيب ينفيه فيلزم حينئذ عدم جواز رد مجتهد من الناس اجتهاد غيره الإمام ومن سواه لتساويهم في عدم العلم بالإصابة أو الخطأ على القول بالتخطئة وفي الإصابة معا على القول بالتصويب، فلا يكون لواحد رياسة على الآخر فلا إمام ولا مأموم إلا الرعاع والأوباش فإن إمامهم من يقلدونه، فما أكثر الأئمة على هذا القول لو كان قائلوه يشعرون ولما قالوه يفهمون، وقوله: فإن لم يفعلوه الخ فهو أفحش من الجميع لأنه إخراج للأمر بالمعروف الواجب عن الوجوب ولا يخفى ما فيه من المناقضة، وقوله فلا نقص للشريعة القويمة، إن أراد أن عصيان المجتهدين بترك رد إمامهم المخطئ وترك الانكار عليه لا يغير حكم الله ولا يبدل فرضه فلا ينقلب به الحرام حلالا ولا الحلال حراما بل يلزم العاصي الإثم على المعصية فذلك صحيح عندنا لكنه لا يرضى به لاستلزامه اتفاق الأمة على الخطأ وهو خلاف مذهبه، وإن أراد أن عصيان المجتهدين في تركهم النكير على إمامهم الخاطئ لا يوجب الإثم لهم ولا يخرجهم من حيز العدالة وعصيان الإمام وخطؤه لا يبطل إمامته فذلك باطل باتفاق الأمة والنص من الكتاب والسنة، ومن المحال أن يكون كف الناس عن إنكار المنكر مسقطا عنهم الإثم ومجوزا لفاعل المنكر فعله، والحاصل أن هذا الكلام تدليس وتلبيس لا معنى له ولا فائدة فيه وأنت بعد الإحاطة بما
(١٠٥)