الحسين البصري، (1) وأصحابنا رضوان الله عليهم لا يختلفون في قدرة المعصوم على المعصية لكنه لا يفعلها، ولا يصح نسبتها إليه، بل ينبغي أن يقال: إنه لا يشترط في العصمة ألا تخطر المعصية بباله إذ لولا ذلك لكان مسلوب القدرة، وإلا صح ما قاله أصحابنا: إن المعصوم لو لم يكن قادرا على فعل المعصية لما كان مكلفا بتركها إذ شرط التكليف بالشئ القدرة على فعله وتركه إذ لا يصح أن يقال إن الإنسان مكلف بترك الطيران إلى السماء كما أنه لا يجوز أن يكلف بالطيران إليها لعدم الاستطاعة إلى ذلك والتالي باطل فقد علمنا بتوجه الأمر والنية إلى المعصومين من الأنبياء والأوصياء وإذا بطل التالي بطل المقدم، وأيضا لو كان المعصوم غير قادر على فعل المعصية لما استحق على تركها ثوابا ولا مدحا لأنه في تركها مجبور على الترك وملجأ إلى الاجتناب، ولا مدح لمجبور ولا ثواب لملجأ كما لا يخفى والكل باطل بالاتفاق إذ لا نزاع في استحقاق المعصوم على ترك المعصية المدح والثواب والكتاب دال عليه فالمقدم باطل أيضا، إذا عرفت هذا فاعلم أن الناس قد اختلفوا في أن الإمام يجب أن يكون معصوما أم لا؟ فذهب أصحابنا الإمامية ووافقهم الإسماعيلية إلى أن الإمام يجب أن يكون معصوما من أول عمره إلى آخره عن ارتكاب المعاصي كبائرها وصغائرها وعن الخطأ في الأحكام، وقال باقي الفرق لا يجب في الإمام العصمة بل تكفي العدالة، والأصح هو مذهب أصحابنا ولنا على ذلك وجوه من الأدلة عقلا وسمعا.
الأول: إن المحوج إلى الإمام هو جواز الخطأ على الأمة في العلم والعمل فلو جاز الخطأ على الإمام فيهما لوجب له إمام آخر وذلك الإمام أيضا إن كان معصوما ثبت المطلوب وإلا احتاج إلى إمام آخر فيتسلسل إلى غير النهاية