الخ. معناه أنه لا يدخل الجنة إلا من عرفهم بالإمامة وأقر لهم بها وعرفوه بالاقرار لهم بذلك فيجب حينئذ أن يكون في كل عصر إمام قائم لله على خلقه وعريف عليهم يدخل الجنة من أقر له بالإمامة ويدخل النار من أنكر إمامته ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وهو المطلوب، والكلام ظاهر في سعة علم الإمام لتمكنه من معرفة عارفية ومنكريه مع بعد ديارهم وكثرتهم، وهو تصديق ما ورد من طرقنا عن أهل البيت أن الإمام يعرف أولياءه وأعداءه في أقاصي الأرض وأدانيها، وأن الدنيا عند الإمام بمنزلة الدرهم في كف الإنسان يقلبه يعلم أعلاها وأسفلها كما رواه المشائخ الكبار مثل محمد بن الحسن الصفار ومحمد بن يعقوب وابن بابويه وغيرهم من أكابر محدثينا في كتبهم، وليس المراد أن الأئمة يعرفون أولياءهم يوم القيامة خاصة كما ذكره ابن أبي الحديد في شرح الخطبة (1) لأن الذين لا يعرفون أولياءهم إلا في الآخرة لا يسمون عرفاء الله على خلقه في الدنيا لأن العريف النقيب والرئيس، على أن معرفة الولي والعدو في الآخرة لا يختص بالأئمة بل الخلق كلهم ينكشف لهم حينئذ الغطاء فيعرف أهل الجنة أولياءهم ويكونوا (إخوانا على سرر متقابلين)، ويعرف أهل النار أولياءهم (كلما دخلت أمة لعنت أختها) ويعرف المظلوم ظالمه وإن كان بعد موته بذكر سئ ويعرف المحسن من أحسن إليه كذلك كما هو معلوم لدى العارفين فلا فضل للأئمة في هذا يوم القيامة على غيرهم ثم إن المتبادر من قوله: " لا يدخل الجنة " الخ. إنه لا يدخل الجنة إلا من عرفهم في الدنيا بالإمامة وعرفوه في الدنيا بالاقرار لهم بها ولا يدخل النار إلا من أنكر إمامتهم في الدنيا وأنكروه، أي لم يعرفوه في الدنيا بالاقرار لهم بالإمامة وهو يؤيد المطلب ويوضحه، وكلام أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا المعنى كثير وسيأتي بعض منه في آخر الكتاب في موضع يشبه هذا الموضع أو هو فرعه إن شاء الله تعالى.
(٩٣)