وفي (التفسير الكبير): " مأواكم النار هي مولاكم "، قال الكلبي يعني أولى بكم، (وهو قول الزجاج، والفراء، وأبي عبيدة). وقال الثعلبي في كشف البيان: " هي مولاكم " أي صاحبيكم، وأولى بكم، وأحق بأن تكون مسكنا لكم. وقال الإمام أبو الحسن الواحدي في (التفسير الوسيط) هي (مولاكم) هي أولى بكم لما أسلفتم من الذنوب. والمعنى أنها هي التي تلي عليكم لأنها قد ملكت أمركم. وقال الإمام البغوي في (المعالم): هي (مولاكم) صاحبتكم وأولى بكم. وقال ابن حبان في تفسير (البحر المحيط): قوله (هو مولانا) أي ناصرنا، وحافظنا (قاله الجمهور). وقال الكلبي: أولى بنا من أنفسنا في الموت، والحياة. وقيل: مالكنا وسيدنا، فلهذا يتصرف كيف يشاء فيجب الرضا بما يصدر من جهته. وفي (الصحاح) كل من ولى أمر واحد فهو وليه، وبمعنى السيد المطاع.
وفي (النهاية) لابن الأثير: المولى في الحديث هو الرب، والمالك، والسيد، والمنعم، وكل من ولي أمرا، وقام به فهو مولاه ووليه، ومنه الحديث: " من كنت مولاه فعلي مولاه "، ومنه الحديث:
" أيما امرأة نكحت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل ". وفي رواية (وليها) أي متولي أمرها، (وكذا في الصراح، ومجمع البحار).
وفي (المعالم): أولى بالمؤمنين من أنفسهم (أي من بعدهم) ببعض في نفوذ حكمه فيهم، ووجوب طاعته عليهم، وقال ابن عباس وعطاء: يعني إذا دعاهم النبي (ص) ودعتهم أنفسهم إلى شئ كانت طاعة النبي (ص) أولى بهم من طاعتهم أنفسهم (1).
وفي تفسير النيشابوري: ويعلم من إطلاق الآية أنه أولى بهم من أنفسهم في كل شئ من أمور الدنيا والدين.
وفي تفسير البيضاوي: النبي (ص) (أولى) في الأمور كلها فإنه لا يأمرهم ولا يرضى منهم إلا ما فيه صلاحهم، فلذلك أطلق، فيجب أن يكون أحب إليهم من أنفسهم، وأمره أنفذ عليهم (2).
وفي قواضب الأسياف (ناقلا عن مطالب السؤل لابن طلحة الشافعي): فيكون معنى الحديث من كنت أولى به، أو ناصره، أو وارثه، أو عصبته، أو حميمه، أو صديقه فإن عليا منه كذلك، وهذا صريح في تخصيصه لعلي (ع) بهذه المنقبة العلية، وجعله لغيره كنفسه بالنسبة إلى من دخلت عليهم كلمة (من) التي للعموم بما لم يجعله لغيره، وليعلم أن هذا الحديث هو من أسرار قوله تعالى في آية المباهلة، (إلى أن قال) فإنه أولى بالمؤمنين، وناصر المؤمنين، وسيد المؤمنين، وكل معنى أمكن إثباته مما دل عليه لفظ المولى لرسول الله (ص) فقد جعله لعلي (ع) (3).
أقول: وحمل الولي على معنى المحب مستدلا بقوله تعالى " ألا أن أولياء الله " يدل على عدم تبحرهم في المحاورات القرآنية لأن (الولي) جاء في القرآن بمعنى المتولي، والمتصرف كما في قوله تعالى " فالله هو الولي "، وجاء لفظة (الأولياء) بمعنى الأحباء، وفرق الواحد والجمع في المعنى من محاورات القرآن، ألا ترى أن القسط بمعنى العدل، والقاسطون بخلافة، والريح بمعنى العذاب، والرياح من آثار الرحمة (كما بسطة السيوطي في الإتقان) (4).