ففي يوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقين من ذي الحجة عام ولايته، على قول..
أو في الخامس والعشرين من نفس الشهر من السنة الخامسة والثلاثين للهجرة، الموافق الثالث والعشرين من شهر يونيو سنة ستة وخمسين وستمائة للميلاد.. وقف بعد أن تمت له البيعة، يعين المسلمين:
" إنما أنا رجل منكم.. لي ما لكم.. وعلي ما عليكم ".
فلا تفرقة.. لا امتياز له على غيره من الناس..
ولا شك في أنه حين قال قولته هذه لم يأت بجديد. فكلمته هي كلمة الإسلام، ورأيه هو رأي الإسلام.. ودين الله الذي ختم الأديان كان، كما يقضي بوحدة الربوبية الإلهية، يقضي أيضا بوحدة العبودية البشرية، لأن الإسلام دين الفطرة التي فطر الله عليها الناس أجمعين، قبل أن تفسدهم الانحرافات المتسربة إلى النفوس والعقول من خلال طوارئ المعتقدات، والأفكار، وتحكم العادات والتقاليد، وفوارق العنصريات والأجناس، وتباعد حدود الزمان والمكان..
إنه يعيدهم سيرتهم الأولى، على سجيتهم النقية كبدء نشأتهم، مطهرين من الأدران، خالصين من الشوائب، كأنهم يلدهم من جديد..
هو بهذا يسوي بينهم كافة لأن الفطرة هي العامل الوحيد الذي يشتركون فيه فأساس المقارنة بينهم - على هذا الوضع - ثابت غير قابل للتغير، أو مساواة كاملة، لا سبيل معها إلى المفاضلة والترجيح.
فإذا هم تفاوتوا من بعد، فبمعايير غير هذا المعيار..
هذه حقيقة عصية على الإنكار، بعيدة بعدا مطلقا عن المماراة.. ليس أدل عليها من نأي الإسلام - في دعوته - عن التمحيص، بالاتجاه إلى التعميم..
فالقرآن الكريم كما تؤكد آياته، حين يدعو دعوته الإيمانية لا يخاطب إلا