فإن له الرجوع في ذلك، وإن كان قد قبضها. وإن تعوض عنها، لم يكن له الرجوع فيها بعد ذلك، سواء كان ما تعوض عنها قليلا أو كثيرا. وإن لم يتعوض منها، واستهلكت الهبة، أو تصرف فيها الموهوب له، لم يكن أيضا للواهب الرجوع فيها على حال.
ويكره أن يرجع الإنسان فيما يهبه لزوجته، وكذلك يكره للمرأة الرجوع فيما تهبه لزوجها. وما يهبه الإنسان لوجه الله، فلا يجوز له الرجوع فيه على حال. وما تصدق الإنسان به لوجه الله، فلا يجوز له أن يعود إليه بالبيع أو الهبة أو الصدقة. وإن رجع إليه بالميراث، كان جائزا. وإذا أخرج الإنسان شيئا لوجه الله يتصدق به، ففاته من يريد إعطاءه، فليتصدق به على غيره ولا يرده في ماله.
ولا بأس أن يفضل الإنسان بعض ولده على بعض بالهبة والنحلة، إلا أنه يكره ذلك في حال المرض، إذا كان الواهب معسرا. فإذا كان موسرا، لم يكن به بأس.
وإذا وهب الإنسان لبعض ولده شيئا، وكتب له بذلك كتاب ابتياع، ذكر فيه أنه قبض الثمن، ثم مات، وطالبه الورثة بالثمن أو اليمين بالله تعالى: أنه سلم الثمن على الكمال، جاز له أن يحلف: أنه قد سلم الثمن، ويوري في نفسه ما يخرج به عن الكذب عند الله تعالى، وليس عليه في ذلك شئ على حال.