من أعظم سدود المعرفة وموانعها، وهي التي منعت الأمم عبر التاريخ من الخضوع أمام براهين الأنبياء ورسله الواضحة كما يقول سبحانه: * (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) *.
ومن هذا المنطلق، اقترح تميم بن جراشة على النبي - عندما جاء على رأس وفد من الطائف يخبره بإسلام قومه - اقترح عليه:
أن يكتب لهم كتابا بأن يفي لهم بأمور يقول: قدمت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في وفد ثقيف فأسلمنا وسألناه أن يكتب لنا كتابا فيه شروط؟
فقال: اكتبوا ما بدا لكم ثم إيتوني به، فسألناه في كتابه أن يحل لنا الربا والزنا فأبى علي - رضي الله عنه - أن يكتب لنا، فسألنا خالد بن سعيد بن العاص فقال له علي: تدري ما تكتب؟ قال: أكتب ما قالوا ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أولى بأمره، فذهبنا بالكتاب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال للقارئ: إقرأ، فلما انتهى إلى الربا قال: ضع يدي عليها في الكتاب، فوضع يده فقال: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا) * الآية، ثم محاها، وألقيت علينا السكينة فما راجعناه فلما بلغ الزنا وضع يده عليها (وقال): * (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة) * الآية، ثم محاه وأمر بكتابنا أن ينسخ لنا (1).
ورواه ابن هشام بصورة أخرى قال: وقد كان مما سألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يدع لهم الطاغية، وهي اللات، لا يهدمها ثلاث سنين، فأبى رسول الله ذلك عليهم فما برحوا يسألونه سنة سنة، ويأبى عليهم، حتى سألوا شهرا واحدا بعد مقدمهم، فأبى عليهم أن يدعها شيئا مسمى، وإنما يريدون بذلك فيما يظهرون أن يتسلموا بتركها من سفهائهم ونسائهم وذراريهم ويكرهون أن يروعوا قومهم بهدمها حتى يدخلهم الإسلام، فأبى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن