كثير جدا، ولأجل عدم انطباقه على ثلاثة قرون قال ابن حجر العسقلاني: وفي هذا الوقت (220 ه) ظهرت البدع فاشيا، وأطلقت المعتزلة ألسنتها، ورفعت الفلاسفة رؤوسها، وأمتحن أهل العلم ليقولوا بخلق القرآن، وتغيرت الأحوال تغيرا شديدا ولم يزل الأمر في نقص إلى الآن (1).
ولو افترضنا أن القرن يستعمل في مائة سنة فلا يصح تفسير الحديث به، لأن المحور في الحديث في تمييز قرن عن قرن آخر هو الأشخاص حسب أعمارهم، فعلى ذلك يجب أن يكون الملاك في تبادل القرون وتمايزها ملاحظة من كانوا يعيشون فيه حيث قال: " خير أمتي قرني " ولم يقل القرن الأول ثم قال " ثم الذين يلونهم " فلم يقل ثم القرن الثاني وقال: " ثم الذين يلونهم " ولم يقل القرن الثالث، فلا محيص عند حساب السنين ملاحظة الأشخاص الذين كانوا يعيشون في قرنه والقرنين اللذين يليانه.
الثالث: ماذا يراد من خير القرون وشرها، وما هو الملاك في الوصف بالخير والشر؟
فإن هناك ملاكات ثلاثة للخير والشر للوصف بهما وكل محتمل:
1 - فإن أهل القرن الأول كانوا خير القرون لأجل أنه لم يدب فيهم دبيب الخلاف في الأصول والعقائد، وكانوا متماسكين في الأصول متحدين في العقائد.
2 - كونهم خير القرون لأجل سيادة الطمأنينة عليهم وكان الجميع متظلل بظل الصلح والسلم إخوانا.
3 - كونهم خير القرون لأجل تمسكم بأهداف الدين في مقام العمل وتطبيق الشريعة.
وأي واحد أريد من هذه الملاكات، فالقرآن والسنة والتاريخ القطعي لا