ولأجل ذلك قلنا بدلالة الفقرة على لزوم اتباع الطلاق بأحد الأمرين على كلا التقديرين، وعلى أي حال فسواء كان عنصر الدلالة نفس الفقرة أو غيرها - كما ذكرنا - فالمحصل من المجموع هو كون اتباع الطلاق بأحد أمرين من لوازم طبيعة الطلاق الذي يصلح للرجوع.
ويظهر ذلك بوضوح إذا وقفنا على أن قوله: * (فبلغن أجلهن) * من القيود الغالبية، وإلا فالواجب منذ أن يطلق زوجته، هو القيام بأحد الأمرين، لكن تخصيصه بزمن خاص وهو بلوغ آجالهن، هو لأجل أن المطلق الطاغي عليه غضبه وغيظه، لا تنطفئ سورة غضبه فورا حتى تمضي عليه مدة من الزمن تصلح فيها، لأن يتفكر في أمر زوجته ويخاطب بأحد الأمرين، وإلا فطبيعة الحكم الشرعي * (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * تقتضي أن يكون حكما سائدا على جميع الأزمنة من لدن أن يتفوه بصيغة الطلاق إلى آخر لحظة تنتهي معها العدة.
وعلى ضوء ما ذكرنا تدل الفقرة على بطلان الطلاق الثلاث وأنه يخالف الكيفية المشروعة في الطلاق، غير أن دلالتها على القول الأول بنفسها، وعلى القول الثاني بمعونة الآيات الآخر.
2 - قوله سبحانه: * (الطلاق مرتان) *.
إن قوله سبحانه: * (الطلاق مرتان) *: ظاهر في لزوم وقوعه مرة بعد أخرى لا دفعة واحدة وإلا يصير مرة ودفعة، ولأجل ذلك عبر سبحانه بلفظ " المرة " ليدل على كيفية الفعل وإنه الواحد منه، كما أن الدفعة والكرة والنزلة، مثل المرأة، وزنا ومعنى واعتبارا.
وعلى ما ذكرنا فلو قال المطلق: أنت طالق ثلاثا، لم يطلق زوجته مرة بعد أخرى، ولم يطلق مرتين، بل هو طلاق واحد، وأما قوله " ثلاثا " فلا يصير سببا