بمراتب من اتخاذ غير من نصبه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم خليفة عنه، فإنهم باتخاذهم العجل ربا خرجوا عن الدين رأسا، وأما أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يخرجوا بما صنعوه عن أصل الإسلام، وكان ذلك سهلا في نظرهم لزعمهم أن أمر الخلافة والإمامة من الفروع.
والثالث: أن ارتداد بني إسرائيل كان في حياة نبيهم عليه السلام، ومخالفة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أمر الخلافة كان بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم. ومن المعلوم أن الأول أبعد من الثاني، وبعد وقوع الأول عند ظهور الفتنة لا مجال لاستبعاد وقوع الثاني، ورد النصوص أو تأويلها، كيف وقد أخبر تعالى شأنه بانقلاب أكثرهم بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال عز من قائل: " أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين " (1).
مع أنه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إن مثل أمتي مثل بني إسرائيل طابق النعل بالنعل " (2)، ولعله لأجل تشابه حال هذه الأمة بحال بني إسرائيل كرر عز وجل قصتهم في كتابه المجيد حتى يكون الناس على كمال بصيرة في أمرهم ويتدبروا في شأنهم وتتم الحجة عليهم.
ثم إن قياس حكم الولاية بحكم الصلاة، وسائر أحكام الدين لا وجه له، لأن الحسد إنما يكون في أمر الولاية، قال تعالى شأنه: " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما " (3).