إلا أنه توهم فاسد، لأن المراد من القبض المعلق على عدمه التلف مطلق القبض بكلا قسميه: الصحيح والفاسد، ونفي القبض كذلك معناه كون التلف عند غير المشتري، فلا يكون المقام مشمولا للنبوي حتى يتوهم تعارض القاعدتين فيه، كيف ولو تلف بيد المشتري بعد أن كانت العين مضمونة بالمسمى بالعقد الصحيح، فإن رجع البائع على المشتري ببدله الواقعي، فمع أنه غير الضمان بالمسمى مع كون الضمان به بالفرض، لم يكن الفوات من مال البائع بعد أخذه البدل الواقعي. وإن لم يرجع عليه بشئ من البدلين الواقعي والمسمى، جمع المشتري بين العوض والمعوض، فلم يبق إلا كون المبيع فائتا من المشتري، بمعنى كون خسرانه عليه ونقصانه في ملكه، وهو المطلوب من انتقال الضمان للمشتري.
نعم لولا النبوي لكان مقتضى القاعدة الأولية غرامة البائع بعد أن كانت العين مضمونة بعقد المعاوضة وتلف عنده المثل أو القيمة للمشتري بدلا عن ملكه وأخذه المسمى منه، إلا أن النبوي حاكم على تلك القاعدة الأولية ومتضمن لبطلان البيع وانفساخه، ورجوع المبيع إلى ملك البائع آناءا عند التلف حتى يصدق كون التالف من مال البائع - كما عليه المشهور وإن كان الأقوى - عندنا - موافقة النبوي للقاعدة في إيجابه الانفساخ بالتلف قبل القبض، كما ستقف عليه عند تحريرنا له في مسألة مستقلة (1).
وبالجملة: فمفاد النبوي عندهم مجرد بيان حكم ما لو تلف المبيع عند البائع وكون التلف منه في قبال ما تقتضيه القاعدة الأولية، وأين ذلك من المقام المفروض كون التلف بيد المشتري؟.
____________________
(1) يذكر ذلك - مفصلا - في أوائل رسالته التالية لهذه الرسالة، فراجع.