والأظهر: أنها ليست من الحقوق بالمعنى الذي ذكرناه من الحق وإن قلنا بعدم كفاية التوبة فيها، فإنها لم تكن من مقولة الملك ومن مراتبه ووجوب استحلال الانسان ممن استغابه أو آذاه بالضرب أو الشتم - على فرضه - إنما هو من حيث ظلمه له بهتك عرضه أو إيذائه، لا لثبوت حق له عليه بمعنى الملك.
ثم إنه لا ملازمة بين قبول الحق للنقل وبين قبوله للانتقال بالإرث، فقد يكون الحق قابلا للنقل ولا يقبل الانتقال، كما ذكرنا من حق القسم وقد يقبل الانتقال بالإرث ولا يقبل النقل كحق الرهانة وحق الشفعة وحق الخيار - على الأظهر - من عدم قبوله للنقل، وقد لا يقبلهما بل ولا الاسقاط كما ذكرنا من حق الخمس والزكاة، وقد يقبلها جميعا كحق التحجير على موات من الأرض - مثلا - ثم إن ما يقبل النقل قد يكون قابلا للنقل إلى كل أحد كحق التحجير فإنه قابل للنقل إلى كل أحد بالمصالحة عليه مع العوض وبدونه، بخلاف حق القسم للزوجة، فإنه إنما يقبل النقل إلى الضرة - فقط -.
فإن قلت: إذا كان حق الرهانة وحق الشفعة وحق الخيار قابلا للانتقال إلى الوارث، ولم يكن متقوما بذي الحق، فلم لا يكون قابلا للنقل إلى الغير بالمصالحة عليه..؟
قلت: وجه الفرق بين انتقال الحقوق المذكورة بالإرث وبين نقلها بالمصالحة متوقف على بيان حقيقتها فنقول:
إن حق الرهانة مرجعه إلى سلطنة للمرتهن حاصلة له بعقدها على استيفاء دينه الذي هو على الراهن من العين المرهونة ببيعها وأخذ مقدار دينه من ثمنها عند حلول الدين بالشروط المذكورة في باب الرهن، وهذه السلطنة لا يعقل نقلها إلى الراهن - كما لا يخفى - وأما نقلها إلى ثالث له دين