وأما الثالث - وهو المشتبه بين كونه من الحلال أو الحرام أو منهما فلا كلام في كونه من الشبهة المحصورة - لو علم في أمواله محرما - وإن أصر شيخنا في (الجواهر) بخروجه عنها - موضوعا - وإن أدرجه في الشبهة غير المحصورة بملاحظة كلي الظالم وصنفه من كل ذي مال مختلط حرامه بحلاله كالعشار والسارق والمرابي والمرتشي ومن لم يخرج الحقوق ونحوهم الذي منه الجائر - فإن ما في أيدي كل واحد من هؤلاء - وإن كان من الشبهة لو اشتبه الحرام منه بالحلال - إلا أن المجموع من حيث المجموع الملحوظ بلحاظ الوحدة صنفا مخرج لها من المحصورة إلى غير المحصورة. وإن كان بالنظر إلى آحاد أفرادهم كان من المحصورة حتى صارت غير محصورة، فيجري عليها حكم عدم الاجتناب.
وفيه - مع لزوم فتح هذا الباب سد باب الشبهة المحصورة - غالبا - أنه - حينئذ - من شبهة الكثير في الكثير المساوي لحكم المتصف بضده في وجوب الاجتناب عنه - على الأقوى - كما تقرر في محله. كما أنه لا كلام أيضا في خروجه - في الجملة - عن حكم الشبهة المحصورة، فيجوز تناول ما يعطيه والمعاملة معه عليه إجماعا بقسميه.
فمن منقوله: ما حكاه جدنا العلامة في (المصابيح) حيث قال:
(يجوز أخذ الجوائز من الظالمين والتصرف فيها ما لم يعلم حرمتها - بعينها - بالاجماع والنصوص المستفيضة) انتهى (1) - المعتضد بدعوى غير واحد - ومنهم السيد جدنا في الرياض - عدم الخلاف فيه، مضافا
____________________
(1) راجع - كتاب التجارة منه، مصباح: يجوز أخذ الجوائز من الظالمين...