فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها.
عن إسماعيل بن مخلد السراج، قال: خرجت هذه الرسالة من أبي عبد الله (عليه السلام) إلى أصحابه:
" بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: فاسألوا الله ربكم العافية، وعليكم بالدعة والوقار والسكينة، وعليكم بالحياء والتنزه عما تنزه عنه الصالحون قبلكم، وعليكم بمجاملة أهل الباطل، تحملوا الضيم منهم، وإياكم ومماظتهم (1) - فإنه لا بد لكم من مجالستهم ومخالطتهم ومنازعتهم الكلام - بالتقية التي أمركم الله أن تأخذوا بها في ما بينكم وبينهم، فإذا ابتليتم بذلك منهم فإنهم سيؤذونكم، وتعرفون في وجوههم المنكر، ولولا أن الله تعالى يدفعهم عنكم لسطوا بكم، وما في صدورهم من العداوة والبغضاء أكثر مما يبدون لكم، مجالسكم ومجالسهم واحدة، وأرواحكم وأرواحهم مختلفة لا تأتلف، لا تحبونهم أبدا ولا يحبونكم، غير أن الله تعالى أكرمكم بالحق وبصركموه، ولم يجعلهم من أهله فتجاملونهم وتصبرون عليهم، وهم لا مجاملة لهم ولا صبر لهم على شيء من أموركم، تدفعون أنتم السيئة بالتي هي أحسن في ما بينكم وبينهم، تلتمسون بذلك وجه ربكم بطاعته، وهم لا خير عندهم. لا يحل لكم أن تظهروهم على أصول دين الله، فإنهم إن سمعوا منكم فيه شيئا عادوكم عليه، ودفعوه عليكم، وجاهدوا على هلاككم، واستقبلوكم بما تكرهون، ولم يكن لكم النصف منهم في دول الفجار، فاعرفوا منزلتكم في ما بينكم وبين أهل الباطل، فإنه لا ينبغي لأهل الحق أن ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل، لأن الله لم يجعل أهل الحق عنده بمنزلة أهل الباطل.