وهذا كتاب آخر إلى المفضل بن عمر ما أخرجه الصدوق قدس الله سره في كتاب " علل الشرائع " بإسناده (1) إلى صباح المدائني، عن المفضل بن عمر، أن أبا عبد الله (عليه السلام) كتب (2) في ما كتب إليه:
" إن الله لم يبعث نبيا قط يدعو إلى مغفرة الله (3) ليس معها طاعة في أمر ولا نهي، وإنما يقبل الله من العباد العمل بالفرائض التي افترضها الله على حدودها مع معرفة من دعا إليه، ومن أطاع حرم الحرام ظاهره وباطنه، وصلى وصام وحج واعتمر وعظم حرمات الله كلها ولم يدع منها شيئا، وعمل بالبر كله ومكارم الأخلاق كلها، وتجنب سيئها. ومن زعم أنه يحل الحلال ويحرم الحرام بغير معرفة النبي (صلى الله عليه وآله) لم يحل لله حلالا ولم يحرم له حراما، وإن صلى وزكى وحج واعتمر وفعل ذلك كله بغير معرفة من افترض الله عليه طاعته، فلم يفعل شيئا من ذلك: لم يصل ولم يصم ولم يزك ولم يحج ولم يعتمر ولم يغتسل من الجنابة ولم يتطهر ولم يحرم [لله] حراما ولم يحلل [لله] حلالا، وليس له صلاة وإن ركع وإن سجد، ولا له زكاة ولا حج، وإنما ذلك كله يكون بمعرفة رجل من الله جل وعز على خلقه بطاعته وأمر بالأخذ عنه، فمن عرفه وأخذ عنه أطاع الله، ومن زعم أن ذلك إنما هي المعرفة