يعظكم بهذه لعلكم تذكرون. وأخبرك أني لو قلت لك: إن الفاحشة والخمر والميسر والزنا والميتة والدم ولحم الخنزير هو رجل، وأنا (١) أعلم أن الله قد حرم هذا الأصل وحرم فرعه ونهى عنه. وجعل ولايته كمن عبد من دون الله وثنا وشركا، ومن دعا إلى عبادة نفسه فهو كفرعون إذ قال: ﴿أنا ربكم الأعلى﴾ (٢) فهذا كله على وجه إن شئت قلت هو رجل وهو إلى جهنم ومن شايعه على ذلك. فافهم مثل قول الله: ﴿إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير﴾ (3) لصدقت، ثم إني لو قلت إنه فلان ذلك كله لصدقت، إن فلانا هو المعبود المتعدي حدود الله التي نهى عنها أن يتعدى.
ثم إني أخبرك أن الدين وأصل الدين هو رجل، وذلك الرجل هو اليقين، وهو الإيمان، وهو إمام أمته وأهل زمانه، فمن عرفه عرف الله ودينه، ومن أنكره أنكر الله ودينه، ومن جهله جهل الله ودينه، ولا يعرف الله ودينه وحدوده وشرائعه بغير ذلك الإمام، كذلك جرى بأن معرفة الرجال دين الله. والمعرفة على وجهين: معرفة ثابتة على بصيرة يعرف بها دين الله، ويوصل بها إلى معرفة الله، فهذه المعرفة الباطنة الثابتة بعينها، الموجبة حقها، المستوجب أهلها عليها الشكر لله تعالى، التي من عليهم بها، من من الله يمن به على من يشاء، مع المعرفة الظاهرة. ومعرفة في الظاهر، فأهل المعرفة في الظاهر الذين علموا أمرنا بالحق على غير علم لا يلحق بأهل المعرفة في الباطن على بصيرتهم، ولا يصلون بتلك