فلا تنكره إن شاء الله، ولا قوة إلا بالله، والقوة لله جميعا.
أخبرك أنه من كان يدين بهذه الصفة التي كتبت تسألني عنها فهو عندي مشرك بالله تبارك وتعالى بين الشرك، لا شك فيه، وأخبرك أن هذا القول كان من قوم سمعوا ما لم يعقلوه عن أهله، ولم يعطوا فهم ذلك، ولم يعرفوا حدود ما سمعوا، فوضعوا حدود تلك الأشياء مقايسة برأيهم ومنتهى عقولهم، ولم يضعوها على حدود ما أمروا كذبا وافتراء على الله وعلى رسوله، وجرأة على المعاصي، فكفى بهذا لهم جهلا، ولو أنهم وضعوها على حدودها التي حدت لهم وقبلوها لم يكن به بأس، ولكنهم حرفوها وتعدوا وكذبوا وتهاونوا بأمر الله وطاعته، ولكني أخبرك أن الله حدها بحدودها، لأن لا يتعدى حدوده أحد، ولو كان الأمر كما ذكروا لعذر الناس بجهلهم ما لم يعرفوا (١) حد ما حد لهم، وكان المقصر والمتعدي حدود الله معذورا، ولكن جعلها حدودا محدودة لا يتعداها إلا مشرك كافر، ثم قال: ﴿تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون﴾ (٢).
فأخبرك حقا يقينا أن الله تبارك وتعالى اختار الإسلام لنفسه دينا ورضى من خلقه، فلم يقبل من أحد إلا به، وبه بعث أنبياءه ورسله، ثم قال: ﴿وبالحق أنزلناه وبالحق نزل﴾ (3) فعليه وبه بعث أنبياءه ورسله ونبيه محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم).
فأفضل (4) الدين معرفة الرسل وولايتهم. وأخبرك أن الله أحل حلالا وحرم