فقلت: جعلت فداك، من أين تخرج؟
فقال: من جميع البدن، كما وإن النطفة تخرج من جميع البدن... أما رأيت الإنسان إذا عطس نفض أعضاءه؟ (1) وهذا ابن ماسويه (2)، أشهر أطباء عصره، ينصت للإمام الصادق (عليه السلام) في شرحه وتوضيحه للطبائع وعلل الأمراض. وحدث أبو هفان في محضر ابن ماسويه بأن جعفرا بن محمد (عليه السلام) قال: الطبائع أربع: الدم وهو عبد، وربما قتل العبد سيده. والريح وهو عدو، إذا سددت له بابا أتاك من آخر. والبلغم وهو ملك يدارى. والمرة وهي الأرض إذا رجفت رجفت بمن عليها. فقال ابن ماسويه:
أعد علي، فوالله ما يحسن جالينوس أن يصف هذا الوصف (3).
وهذا طبيب المنصور يحضر عنده ليقرأ عليه كتب الطب، فإذا به يحضر مرة وعنده الصادق (عليه السلام)، فجعل ينصت لقراءته، فلما فرغ، قال: يا أبا عبد الله، أتريد مما معي شيئا، قال: لا، لأن ما معي خير مما هو معك. قال: ما هو؟ قال:
أداوي الحار بالبارد، والبارد بالحار، والرطب باليابس، واليابس بالرطب، وأرد الأمر كله إلى الله، وأستعمل ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأعلم أن المعدة بيت الأدواء وأن الحمية هي الدواء، وأعود البدن ما اعتاد. قال (الطبيب):
وهل الطب إلا هذا؟
قال الصادق: أتراني عن كتب الطب أخذت؟