ومما يدل على عطف الإمام (عليه السلام) على الناس جميعا سواء أكانوا من أهل مدينته أم من غيرها من المدن والأقاليم، إنه (عليه السلام) دفع مبلغا من المال لمولاه مصادف (1) ليتجر به، فاستكثر الصادق (عليه السلام) الربح، وأنكر على مولاه فعله، وعده حراما، فأخذ الأصل وترك الربح.
عن أبي جعفر الفزاري، قال: دعا أبو عبد الله (عليه السلام) مولى له يقال له مصادف، فأعطاه ألف دينار وقال له: تجهز حتى تخرج إلى مصر، فإن عيالي قد كثروا.
قال: فتجهز بمتاع، وخرج مع التجار إلى مصر. فلما دنوا من مصر، استقبلتهم قافلة خارجة من مصر، فسألوهم عن المتاع الذي معهم، ما حاله في المدينة، وكان متاع العامة، فأخبروهم أنه ليس بمصر منه شيء. فتحالفوا وتعاقدوا على ألا ينقصوا متاعهم من ربح دينار دينارا، فلما قبضوا أموالهم، انصرفوا إلى المدينة.
فدخل مصادف على أبي عبد الله (عليه السلام) ومعه كيسان في كل منهما ألف دينار، فقال: جعلت فداك، هذا رأس المال، وهذا الآخر ربح. فقال: إن هذا الربح كثير.
ولكن ما صنعتم في المتاع؟
فحدثه كيف صنعوا وكيف تحالفوا، فقال: سبحان الله، تحلفون على قوم مسلمين ألا تبيعوهم إلا بربح دينار دينارا؟ ثم أخذ أحد الكيسين فقال: " هذا رأس مالي، ولا حاجة لنا في هذا الربح ". ثم قال: " يا مصادف، مجالدة السيوف